وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (٥٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (٥٣) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً
____________________________________
موارد استعماله. ولا يخفى من القرآن الكريم ان معنى الجبت شبيه بمعنى الطاغوت في رجوعه الى الضلال وقد يسمى به الضال المضل وقد روي ان جماعة من اليهود مضوا الى مكة ليتألبوا مع مشركيها على حرب رسول الله فسجدوا لأصنامهم وقالوا ما حاصله أن مشركي مكة اهدى سبيلا من رسول الله والمؤمنين معه والآية الشريفة تدل على نحو هذا المعنى من دون تعيين للأشخاص فالتعيين على عهدة الرواية (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ) اشارة الى قومهم الكافرين (أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) اي رسول الله وأصحابه (سَبِيلاً ٥٢ أُولئِكَ) اي الذين أوتوا نصيبا من الكتاب المذكورين في الآية هم (الَّذِينَ) لأجل تمردهم ومحادتهم لله ورسوله وطغيانهم (لَعَنَهُمُ اللهُ) وطردهم عن رحمته وتوفيقه وعذبهم بدل القتل والجلاء وسلب الأموال مهما تألبوا واستنصروا واعدوا العدة والعديد (وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ) اي يلعنه الله (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً) ومن ذا ينصر على الله من لعنه ٥٣ (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) النقير كما في التبيان والكشاف والقاموس والمصباح وغيرها هو النقطة التي في ظهر النواة و «ام» هنا هي المنقطعة وهي التي لا تقع في اللفظ معادلة لهمزة استفهام قبلها وان تضمنت في الأكثر استفهاما إنكاريا مع ترق واضراب عن جملة قبلها تتضمن ابطال ما يشارك ما بعدها في الإنكار به عليهم كقوله تعالى (الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) و «اذن» هنا ملغاة عن العمل نحو قوله في سورة الاسراء ٧٥ (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) وقال بعض النحويين ان ذلك على سبيل الجواز فيما إذا وقعت اذن بعد الواو والفاء والظاهر اتفاقهم على ان نصبها المضارع مشروط بتصديرها كما في المغني وغيره وعبر ابن الحاجب عن هذا الشرط بأن لا يعتمد ما بعدها على ما قبلها وذكر الرضي من امثلة ذلك ان يكون ما بعدها جزاء للشرط الذي قبلها. أقول مراده الشرط الموجود في الكلام وينبغي ان يكون ما كان محذوفا كما في الآية ودل عليه اجزاء الكلام من نحو فاء الجزاء او واو العطف على جزاء مقدر مع شرطه يدل عليهما سوق الكلام كما في آية الاسراء. هذا وان اذن في الأكثر تكون