(٤٥) وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً (٤٦) مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا
____________________________________
الحقيقي (وَ) فوق ذلك (يُرِيدُونَ) من غيهم وانهماكهم بالضلال (أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ) المستقيم الذي هداكم الله بلطفه اليه وأوضح منهجه وأنار اعلامه فحظيتم بالتوفيق لحقيقة الإيمان ودين الهدى وشريعة الحق فلا يغووكم بضلالهم وان أظهروا لكم بنفاقهم مخادعات النصيحة والمودة والولاء والنصرة فإنهم عدو لكم ٤٥ (وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ) إله الناس وخالقهم القاهر القادر (وَلِيًّا) للمؤمنين (وَكَفى بِاللهِ) كرر ذلك للتأكيد وملأ القلب بكفايته وكرر اسم الجلالة اشارة الى عظمة الإلهية وقدرة الله في كفايته ونصره جل اسمه (نَصِيراً ٤٦ مِنَ الَّذِينَ) من لتبين «الذين أوتوا» ولا يضر الفصل بالآية المتوسطة والاعتراض بجملها كما يعترض كثيرا بالدعاء ونحوه مع اتساق الكلام وتناسب أطرافه. وقيل ان «من الذين» خبر مقدم والمبتدأ محذوف وجملة «يحرفون» صفة والتقدير قوم يحرفون. وفي مجمع البيان كما قال ذو الرمة : «فظلوا ومنهم دمعه سابق له» اي من دمعه سابق له. وانشد سيبويه
فما الدهر الا تارتان فمنهما |
|
أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح |
أي فتارة منهما. لكن في هذا الحذف تكلفا لا يناسب كرامة القرآن (هادُوا) وهم اليهود لأنهم انتسبوا الى مملكة يهودا بعد ان اضمحلت سائر الأسباط من بني إسرائيل وباد ملكهم الوثني وجامعتهم بسبي الآشوريين وقتلهم لهم (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ) من تمردهم في الضلال (سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) بفتح الميم الثانية وهو دعاء على من يخاطبونه كقوله اسمع لا سمعت (وَراعِنا) قد مر تفسير هذه الكلمة فيما يريدونه منها في الجزء الأول ص ١١٣ و ١١٤ وأظنهم يقولون «وعصينا. وغير مسمع. وراعنا» بنحو من لحن التحريف ومناحي الالغاز واللهجة ؛ (لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا) اختيارا للهدى على الضلال (سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ) منا ما نقول في مقام الإيمان والاهتداء (وَانْظُرْنا) باللطف والعناية بهمزة الوصل وضم الظاء المعجمة وهو المعنى الذي كانوا يغالطون فيه في قولهم راعنا