لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (٤٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ
____________________________________
من المراعاة والملاحظة وهي من النظر الذي فيه عناية ولطف. وكذا قوله تعالى في سورة البقرة (لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا) اي بدلوا كلمة «راعنا» بما هو بمعناها وهو قولكم انظرنا لئلا يتخذها اليهود وسيلة لسب رسول الله (ص) كما تقدم. وقال بعض «أنظرنا» بمعنى انتظرنا وأمهلنا ولكنه شذوذ عن مجرى الكلام ووجهه ان ساعدت اللغة (لَكانَ) ذلك (خَيْراً لَهُمْ) إذ يلقون بسعادتهم قياد السمع والطاعة الى رسول الله هادي البشر ومبلغهم عن الله ما فيه الصلاح والسعادة والوصول الى الحقيقة وحقيقة الإيمان ومعارف الحق وشريعته (وَأَقْوَمَ) واعدل (وَلكِنْ) لا يزالون متمردين على الحق معرضين عنه بعصبيتهم وأهوائهم وعنادهم قد حرموا أنفسهم بتمردهم لطف التوفيق ورحمة الهداية والإيصال فطردهم الله لذلك عن رحمته التي عاندوها واعرضوا عنها و (لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ) اي بسبب كفرهم عن عناد ومحادة لله ورسوله بعد ما تجلت لهم الآيات وقامت عليهم الحجة (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) منهم من لم يتوغل في التمرد على الحق ولم يتهود في عناده للحجة ولا في المحادة لله ورسوله ٤٦ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) نسب إيتاء جنس الكتاب الإلهي إليهم باعتبار إيتائه لأسلافهم حينما كان الكتاب في أول أمره مصونا عن النقصان المخل والتبديل والتحريف والضياع والزيادة. وأما المعاصرون لرسول الله فالذي أوتوه انما هو نصيب من الكتاب كما تقدم في الآية السابقة (آمِنُوا بِما نَزَّلْنا) على رسول الله محمد (ص) من القرآن الكريم الذي سبقت لكم البشرى به في التوراة وقد حفظ الله بعنايته هذه البشرى الى يومكم هذا (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) في توراتكم من البشرى به وبرسوله بكونه المصداق الذي تنطبق عليه وعلى رسول الله تلك البشرى الكريمة السامية او مصدقا لما معكم من اسم التوحيد ورسالة الأنبياء وبعض الحقائق التي لم يشوهها التحريف فاغتنموا سعادتكم بهذا الإيمان (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ) بكسر الميم وماضيه طمس بفتحها يستعمل قاصرا كما في كثير من الشعر والكلام ومتعديا كما في الآية وقوله تعالى في سورة القمر. فطمسنا أعينهم. ويعدى بعلى كما في قوله تعالى في سورة يس (لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ). وفي سورة يونس أطمس على أموالهم. في التبيان والطمس هو الدثر وهو عفو الأثر والطامس والداثر والدارس