إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (٤٤) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا ِالْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ
____________________________________
تقييده بدلالة الآية وحكى في التذكرة عن أبي حنيفة انه يجوز ان يترك من ظاهر الوجه دون الربع وفي رواية عنه لو مسح اكثر الوجه اجزأه. فكأنه أخذ في ذلك بالمتيقن من مفاد الآية وحكى ابن رشد في بدايته ان مشهور المذهب وبه قال فقهاء الأمصار منهم ان مسح اليدين هو الى المرافق كالوضوء. وهذا مخالف لدلالة الآية على البعض وعلى ان الممسوح ما مس الصعيد والممسوح به ما لم يمسسه. مضافا الى انه لو اريدت الأيدي بأجمعها الى المرافق لعبر بعبارة الوضوء ولكن لكل عبارة في القرآن مدلول ولكل مراد عبارة. ومخالف ايضا للمتفق على صحته عندهم وعند الإمامية وهو ما ذكرنا من حديث عمار هو أن رسول الله (ص) في تعليمه التيمم مسح كفيه وأما حديث المرافق فقد ضعفه احمد وماذا له من الأثر في نفسه فضلا عن مصادمته بالآية والحديث الصحيح. وحكى ابن رشد انهم عضدوا حديثهم الضعيف بالقياس على الوضوء أقول ويا له من قياس مخالف للآية والحديث المتفق على صحته فضلا عما صح من طرق الامامية في مسح الجبهة وظاهر الكفين وللكلام في التيمم تتمة تأتي ان شاء الله في آية المائدة (إِنَّ اللهَ كانَ) منذ الأزل ولا يزال برحمته وغناه (عَفُوًّا غَفُوراً) فهو الرحيم الموسع الميسر على عباده ٤٤ (أَلَمْ تَرَ) يا رسول الله. قد يقال ذلك كما في الآية في مقام الإنكار على ما يذكر من الفعل والتسفيه لفاعله (إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) يريد المعاصرين لرسول الله (ص). وأشار جلّ اسمه الى ان هؤلاء لم يصل إليهم من الكتاب الإلهي المنزل على أسلافهم الا بعضا ونصيبا من انقاضه التي بقيت بعد تلف الباقي وتحريفه فإنه قد بقيت منه بعض الكلمات في التوحيد والنبوة ونبوة موسى وعيسى وان عيسى رسول الله وعبده وبعض احكام القصاص في التوراة. والبشرى برسول الله وقرآنه وانه كلام الله يجعله في فم رسوله. واما الباقي وهو الجل فقد عبث به التلف والتحريف ما شاءت الأهواء والشرك كما أشرنا الى بعض ذلك في كتاب «الهدى» و «الرحلة المدرسية» وفي المقدمة من هذا التفسير (يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ) وفي مقدمتها الشرك ويطلبونها على عمد وغي ويبذلون بإزاء خسيسها المهلك أعلى الأمور وأغلاها من التوحيد وصلاحه والهدى واسباب السعادة والكمال وحسن الاجتماع بالعدل والإصلاح