حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ
____________________________________
(حَتَّى تَغْتَسِلُوا) الغسل الرافع لحدث الجنابة المانع من الصلاة ومن الكون مطلقا في المسجدين غير المرور والاجتياز في سائر المساجد. والآية واضحة الدلالة على كفاية غسل الجنابة في الدخول في الصلاة ودخول المساجد إذ جعل الاغتسال وحده غاية للنهي ـ ثم شرع الله التيمم في الحدث الأكبر والأصغر لإباحة الصلاة بدلا عن الطهارة لها بالماء فقال جل اسمه (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) وجوابه (فَتَيَمَّمُوا) وذكر المرض يشعر بأن المراد منه ما يضره التطهر بالماء وفي بداية ابن رشد نسب جواز تيمم المريض وإن وجد الماء إلى الجمهور ولم يذكر الخلاف إلا عن عطا. وفي معتبر المحقق ويجوز التيمم لو منعه من استعمال الماء مرض وهو قول اهل العلم الا طاووس ومالكا. وفي تذكرة العلامة في المريض الذي يخاف التلف او سقوط عضو او بطلان منفعة عضو انه يجب عليه التيمم بإجماع العلماء. ومراده علماء المسلمين من الفريقين انتهى وفي الفقيه قيل لرسول الله (ص) ان فلانا اصابته جنابة وهو مجدور فغسلوه فمات فقال (ص) قتلوه الا سألوا ألا ييمموه ان شفاء العي السؤال. ورواه في الكافي مسندا عن الصادق (ع). وروي أيضا عن الصادق (ع) عن رسول الله (ص) عن مجروح اجنب فأمر بالغسل فاغتسل فمات فقال رسول الله (ص) قتلوه إنما كان دواء العي السؤال. واخرج الحاكم عن ابن عباس مرفوعا إذا كان بالرجل جراحة في سبيل الله او القروح او الجدري فيجنب فيخاف ان اغتسل أن يموت فليتيمم. وان ظهور الآية بكون المبيح للتيمم في المرض خوف الضرر ليمنع ان يقيد في هذا الحال بقوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) بل يدل على أن مقام خوف الضرر سبب مستقل للانتقال الى التيمم. نعم لا ينتقل مع عدم خوف الضرر الا إذا لم يجد الماء (أَوْ عَلى سَفَرٍ) أي على حال سفر كما تقول أتيته على شوق اليه او على رغبة او كره. والمراد من السفر معناه اللغوي وان كان دون المسافة الشرعية لقصر الصلاة بل وان كان سفر معصية (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) الغائط الموضع المنخفض والمطمئن من الأرض وأهل البادية والقرى الصغيرة يقصدونه عند قضاء الحاجة في التخلي للتستر. وهو كناية متعارفة في قضاء الحاجة بما يخرج من السبيلين من العذرة والبول. ومن بابه قول اهل البادية في هذه الازمنة «خرجت الى الوهدة أتيت من الوهدة» ومن بابه ما يقال في الاستعمال الفارسي «كنار آب» والمراد جاء من الغائط بعد قضاء حاجته من الخروج اليه. ولأجل المبالغة في حشمة