أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا
____________________________________
الخطاب ونزاهته كما هو المعهود من كرامة القرآن في أسلوبه لم يقل على نهج سائر الجمل «أو جئتم من الغائط» بل قال «احد منكم» على صورة التنكير والإبهام حفظا للحشمة (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) والمراد منه الجماع كقوله تعالى (بَاشِرُوهُنَ). (وَلا تَقْرَبُوهُنَ). (تَمَسُّوهُنَ). (يَتَمَاسَّا). وقول مريم (يَمْسَسْنِي) مع ان الملامسة اقرب في الكناية إلى الجماع من المس لأنها مفاعلة من اللمس الذي هو مس بقصد الإحساس فالملامسة تمثل الحالة الجماعية بين الرجل والمرأة في قصدهما التلذذ بالإحساس في مباشرتهما. وفي الدر المنثور ذكر من اخرج عن علي (ع) اللمس هو الجماع. وعن ابن عباس في قوله تعالى (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) قال هو الجماع. وفي التهذيبين في الموثق عن الباقر (ع) قوله وما يعني بهذا (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) إلا المواقعة في الفرج. وفي تفسير البرهان عن الشيخ الطوسي ولم أجده عاجلا في الصحيح عن الصادق (ع) قال لمس النساء الإيقاع بهن. وروى نحوه العياشي عن منصور والحلبي وقيس بن رمانة عن الصادق (ع). وقد صح واستفاض عن الباقر والصادق ان لمس المرأة بغير الجماع لا ينقض الوضوء وعلى ما ذكرنا اجماع الإمامية واليه ذهب ابو حنيفة وأصحابه. وذكرت ملامسة النساء وجماعهن بعد ذكر الجنب من باب النص على الخاص بعد العموم لئلا يتوهم أن الجنابة الاختيارية بمقاربة النساء لا تدخل في رخصة التيمم فيلزم الإنسان ان يمتنع في مظان عدم وجدان الماء اذن فليس هذا من باب التكرار كما توهمه بعض (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) تصلون إلى التطهر به بالغسل أو الوضوء فليس من ذلك وجوده في البئر مثلا مع عدم الوصلة اليه. هذا ما يقتضيه سوق الكلام لا حمل عدم الوجدان على ما يشمل عدم التمكن من استعماله لمرض ونحوه فإنه تقييد لا دليل عليه او تجوز بعيد جدا (فَتَيَمَّمُوا) اي اقصدوا والتيمم في اللغة القصد. قال امرؤ القيس : ـ
تيممت العين التي دون ضارج (١) |
|
يفيء عليها الظل عرمضها (٢) طامي (٣) |
وقال الأعشى : ـ
تيممت قيسا وكم دونه |
|
من الأرض من مهمه (٤)ذي شزن (٥) |
ومن هذه الآية وأختها في سورة المائدة واستعمال المتشرعة لفظ التيمم في مقام الطهارة
__________________
(١) اسم موضع
(٢) العرمض هنا الطحلب
(٣) طمى طال وارتفع
(٤) الأرض المقفرة
(٥) الشزن غلظ الأرض