فإن قيل : فقوله تعالى : (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ)(١) ، يقتضي جواز أخذ الجزية منهم ، ولا دلالة للفظ في حق غيرهم.
وقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) ، إنما ورد في مشركي العرب ، فإنه مرتب على قوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ).
وكذلك قوله : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً)(٢).
وليس فيه دلالة على منع أخذ الجزية من عبدة الأوثان من العجم ، والظاهر لا يقتضي في ذلك مشركي العجم منعا ولا إثباتا.
نعم ، الظاهر يقتضي جواز أخذ الجزية من كافة أهل الكتاب عربا كانوا أو عجما ، وهذا هو الحق عندنا ، وليس يظهر عن هذا السؤال جواب؟
نعم يمكن أن يقال : إن الأصل ألا تقبل الجزية من الكفار إلا فيما خص (٣) ، وذلك خروج عن موجب الظاهر ويتعلق بنوع آخر.
واعلم أن قوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) ـ إلى قوله في سياق الآية ـ (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ)(٤).
توهم قوم أنه منصرف إلى جميع الكفار وهم أصناف :
فمنهم الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، وليس ذلك صفة أهل الكتاب ، فإنهم يؤمنون بالله وباليوم الآخر.
__________________
(١) سورة التوبة آية ٢٩.
(٢) سورة التوبة آية ٣٦.
(٣) وردت «اختص» في نسخة أخرى.
(٤) سورة التوبة آية ٢٩.