وقوله : (وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ)(١) ، صفة غير أهل الكتاب وكثير من الأحكام.
وقوله : (وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ)(٢) هو وصف أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد.
وذكروا أن ظاهر هذا يقتضي أخذ الجزية من أصناف الكفار ، إلا ما قام دليل الإجماع عليه في حق مشركي العرب ، وهذا باطل ، فإن الله تعالى قال : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) ، فوصف الذين يقاتلون بأوصاف ، فلتكن الأوصاف راجعة إلى الضمير المذكور أوّلا.
وقوله : (لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) ، وصف لهم.
(وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) يرجع إليهم أيضا.
وقوله : (وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ) ، ينبغي أن يكون نعتا للذين. فإذا لم يقولوا ذلك فقد نعت قوما بنعت ، وذكر بعده نعتا لا لمنعوت متقدم ، وذلك يستحيل قطعا.
فلا جرم ، رجع كل من يرجع إلى فهم ، ونحصل إلى أن الآية نزلت في حق أهل الكتاب.
يبقى أن يقال : كيف وصفهم بأنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر؟
قيل ، يحتمل أن يقال : إنهم بمنزلة الذين لا يؤمنون في باب الذم ، ومثله في من يوالي الكفار من المؤمنين ، ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي.
ومعناه أنهم لو كانوا ينتفعون بالإيمان بالله ، ما اتخذوهم أولياء.
وقد قيل : معناه أنهم لم يؤمنوا عن يقين ومعرفة.
__________________
(١) و (٢) سورة التوبة آية ٢٩.