بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)(١).
فعطف المشركين على هذه الأصناف.
وقال آخرون : لما كان معنى الشرك موجود في مقالات هؤلاء الفرق من النصارى المشركين بعبادة الله تعالى عبادة المسيح عليه السلام.
والمجوس أشركت من حيث جعلت لله تعالى ندا مغالبا ، والصابئون هم عبدة الكواكب ، فهم مشركون حقيقة ، وقد انتظم اللفظ ، فعلى هذا دل قوله «المشركون» على نفي أخذ الجزية من هؤلاء كلهم ، العرب والعجم على ما يقوله الشافعي.
ولأجل ذلك توقف عمر في أخذ الجزية من المجوس ، وليسوا أهل الكتاب تحقيقا ، فإنه سلب الكتاب منهم كما نقل عن عليّ ، وإن صح هذا النقل عن علي ، فليسوا أهل الكتاب في الحال ، وكون آبائهم من أهل الكتاب لا يقتضي أمرا في حقهم ، وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ما نقله الرواة عنه «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» (٢) ، يدل على أنهم ليسوا أهل كتاب ،
إذا تبين ذلك ، فأخذ الجزية من أهل الكتاب بحكم تخصيص الشرع إياهم من بين المشركين ، لا يدل على مثله في المجوس ، إذ لا يتناولهم لفظ مطلق لفظ الكتاب (٣) ، لقوله تعالى : (إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا)(٤).
__________________
(١) سورة الحج آية ١٧.
(٢) أخرجه الامام أحمد في مسنده ، وأبو داود في سننه
(٣) كذا بالأصل ، ولعلها : إذ لا يتناولهم لفظ مطلق أهل الكتاب.
(٤) سورة الأنعام آية ١٥٦.