ولأنه إذا كانت قراءة التشديد حقيقة في الاغتسال ، وقد حملوها على انقطاع الدم فيما دون الأكثر ، فيجب أن يتوقف الحل فيه على الاغتسال ، وقد قالوا :
«إذا دخل وقت الصلاة وإن لم تغتسل حل للزوج وطؤها».
فجعلوا وجوب الصلاة والصوم مجوزا للوطء ، ولم يجعلوا وجوب الغسل مجوزا.
فإن حملوا قراءة التشديد على الغسل ، لزمهم أن يوقفوا الحل على الغسل ، فلا هم عملوا بقراءة التخفيف ولا بقراءة التشديد ، وإن موهوا باعتذارات في وجوب الصلاة ، فلا أثر لها في إخراج قراءة التشديد عن كونها حقيقة ، ومقصودهم مراعاة القراءتين ، في إلحاق إحداهما بالحقيقة والأخرى بالمجاز ..
قوله تعالى (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ (١) لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (٢٢٣) :
فالحرث المزدرع ، وهو في هذا الموضع كناية عن الجماع ، وتسمى النساء حرثا لأنهن مزدرع الأولاد (٢).
وقال أكثر الفقهاء : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) ، يدل على أن المراد به موضع الحرث.
__________________
(١) يقول الراغب : «الحرث إلقاء البذر في الأرض وتهيؤها للزرع ، ويسمى المحروث حرثا قال تعالى : «أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ» المفردات ص ١١٢ ، وقال الجوهري : (الحرث : الزرع ، والحارث : الزارع ، ومعنى (حرث) أي مزدرع ومنبت للولد).
(٢) على سبيل التشبيه ففرج المرأة كالأرض ، والنطفة كالبذر ، والولد كالنبات الخارج