واشتهر عن مالك إباحة (١) ذلك.
وقوله (أَنَّى شِئْتُمْ) يحتمل كيف شئتم ، ويحتمل أين شئتم (٢) فلفظ (أَنَّى) يحتملهما جميعا.
وروي عن جابر أن اليهود قالوا للمسلمين : «من أتى امرأته وهي مدبرة جاء ولده أحول» (٣) ، فأنزل الله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مقبلة ومدبرة ما كان في الفرج».
ومالك يحتج بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ)(٤) ، وأن عموم ذلك يقتضي إباحة وطئهن في الموضع الذي جوزنا وطأهن فيه.
قيل قوله : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ) دال على الإباحة المطلقة لا على موضع الإباحة ، كما لم يدل على وقت الإباحة في الحائض وغيرها.
ومما تعلق به من حرم الوطء أن قوله تعالى : (قُلْ هُوَ أَذىً) ، تعليل تحريم وطء الحائض ، بما يقتضي تحريم الوطء في الذي ينازعنا فيه فإنه موضع الأذى.
__________________
(١) أي وطأ المرأة في دبرها.
(٢) قال الطبري : وقال ابن عباس : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) أي ائتها أني شئت مقبلة ومدبرة ، ما لم تأتها في الدبر والمحيض ، وعن عكرمة «يأتيها كيف شاء ما لم يعمل عمل قوم لوط».
(٣) رواه البخاري في صحيحه في كتاب التفسير ، باب نساؤكم حرث لكم. ورواه مسلم في صحيحه أيضا كتاب النكاح ، والترمذي ، وأبو داود عن جابر رضي الله عنه.
(٤) سورة المؤمنون آية ٥ ـ ٦.