ضربته ، وليتنى عبد الله مررت به ، لأنه إنما هو اسم مبتدأ ، ثم ابتدئ بعده اسم قد عمل فيه عامل ، ثم ابتدئ بعده الكلام فى موضع خبره ، وإنما جاء منصوبا ـ أعنى «كلّ شىء خلقناه» ـ لأنه يحتمل موضع «خلقناه» لو رفع أن يكون وصفا للمجرور وأن يكون خبرا ، وليس الغرض أن يكون «خلقناه» وصفا ل «شىء» ، على تقدير : إنا كل شىء مخلوق لنا بقدر ، فيكون «بقدر» خبرا ؛ وإنما الغرض أن يكون «خلقناه» الخبر ، على تقدير : إنا خلقنا كل شىء بقدر.
ومن ذلك قراءة العامة : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ). (١) قرأها غير ابن كثير بحذف الياء فى الوقف والوصل. وقد قال سيبويه فى الوقف : فإذا لم يكن فى موضع تنوين فإن الإثبات / أجود فى الوقف ، وذلك قولك : هذا القاضي ، وهذا العمى ، لأنها ثابتة فى الوصل.
ومن العرب من يحذف هذا فى الوقف ، شبّهوه بما ليس فيه ألف ولام ، إذ كانت تذهب الياء فى الوصل فى التنوين لو لم تكن الألف واللام (٢).
قلت : وإنما حذف الجماعة الياء من قوله : «الكبير المتعال» فى الوقف ، لا لما ذهب إليه سيبويه ، ولكنهم شبّهوا هذا بالفواصل ، إذ هى فاصلة ، كقوله : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) (٣) ، و (ما كُنَّا نَبْغِ) (٤) تحذف هنا للفاصلة ، فإذا انضم إليه ما قال سيبويه ، كان الحذف أقوى ، فلهذا ذهب إليه الجماعة غير ابن كثير ، أعنى اجتماع الشيئين : الفاصلة ، وثقل الياء.
__________________
(١) الرعد : ٩.
(٢) الكتاب (٢ : ٢٨٨).
(٣) الفجر : ٤.
(٤) الكهف : ٦٤.