ومن ذلك ما أجمع عليه الفراء ، غير نافع وأبى عامر. فى قوله : (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا) (١) بالنصب. وقد قال سيبويه : واعلم أن النصب بالفاء والواو فى قوله : إن تأتنى آتك وأعطيك ، ضعيف ، وهو نحو من قوله :
وألحق بالحجاز فأستريحا (٢)
فهذا يجوز وليس بالجيد ، إلا أنه فى الجزاء أمثل قليلا ، لأنه ليس يوجب أنه «يفعل» ، إلا أن يكون من الأول «فعل» ، فلما ضارع الذي لا يوجبه ، كالاستفهام ونحوه ، أجازوا فيه هذا على ضعفه ، وإن كان معناه كمعنى ما قبله ، إذ قال : ولا أعطيك ، وإنما هو فى المعنى كقوله : أفعل إن شاء الله ، فأوجب بالاستثناء. قال الشاعر ، فيما جاء منصوبا بالواو فى قولك : إن تأتنى آتك وأعطيك :
ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى |
|
مصارع مظلوم مجرا ومسحبا (٣) |
وتدفن منه الصالحات وإن يسىء |
|
يكن ما أساء النار فى رأس كبكبا (٤) |
فإنما نصبوا الميم فى «ويعلم» ولم يكن قبيحا ، كما ذكره سيبويه ، لأنه مع جواز النصب تأتى فيه تبعيّة اللام ، ألا ترى أن اللام مفتوحة ، فاجتمع فيه سببان ، فحسن ما لم يحسن مع سبب واحد.
ومن ذلك قوله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٥) وقد قال سيبويه بعد أشياء يختار فيها الرفع : وكذلك ، إنّى زيد لقيته ، وإنّى عمرو
__________________
(١) الشورى : ٣٥.
(٢) عجز بيت صدره : سأترك منزلي لبني تميم (الكتاب ١ : ٤٢٣).
(٣) البيتان للأعشى. (الكتاب ١ : ٤٤٩).
(٤) كبكب : جبل.
(٥) القمر : ٤٩.