ومن لم يعمل «الطعام» عمل الفعل كان «الطعام» عنده عينا كقوله : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) (١) تقديره عنده : على إطعام طعام المسكين ، لا يكون إلا كذلك ، لأن الحض لا يقع على العين ، والطعام على هذا منصوب الموضع ، بالإطعام المراد ، وإضافة الطعام على هذا إلى المسكين ، هو للملابسة بينهما.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ) (٢).
التقدير : ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب بنيه.
ومن حذف المفعول قوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) (٣) أي : غير باغ الميتة قصدا إليها ، أي : لا يطلبها تلذذا بها ، واقتضاءا لشهوة ، ولا يعدو حدّ ما يسدّ به رمقه ، فحذف المفعولين من «باغ» و «عاد».
والتقدير : فمن اضطر فأكل الميتة غير باغيها ولا طالبها تلذذا بها ؛ فانتصاب قوله «غير باغ» على الحال من الضمير الذي فى «أكل» المضمر ، لدلالة الكلام عليه. ألا ترى أن المنصوب يقتضى الناصب. وفي الآية إضمار الجملة ، وإضمار المفعولين.
فإن قلت : فلم لا تجعل «غير باغ» حالا من الضمير فى «اضطر» دون الضمير فى «أكل»؟ فإن الآية سيقت في تحريم أكل الميتة.
ألا ترى أن قبل الآية : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) (٤) ثم عقّب التحريم بقوله : (فَمَنِ اضْطُرَّ) ، فوجب أن يكون التقدير : فأكل غير باغ بها.
__________________
(١) الإنسان : ٨.
(٢) البقرة : ١٣٢.
(٣) البقرة : ١٧٣.