قال سيبويه : وتقول : «أخذتنا بالجود».
قوله : امتنع «فوق» من الحمل على «الباء» وإن كانت «من» تدخل عليها ، كما امتنعت «عند» من ذلك ، أي : من مع ذلك ، ولهذا امتنعت ، لا لأن «الجود» ليس فوقه مطر ، ألا ترى أن «الوابل» فوق الجود ، قال :
إن دوّموا جادوا وإن جادوا وبل (١)
ومعنى هذا الكلام : أخذتنا السماء بالجود من المطر ، وبمطر فوق الجود. لأن العرب لا تكاد تدخل «الباء» على «فوق» لا يقولون : أخذتنا بفوق الجود. وإنما يقولون : أخذتنا بمطر فوق الجود ، ولو جررت جاز ، وليس الاختيار.
ومن ذلك قوله تعالى : (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) (٢).
أي : كيف تتقون عذاب يوم ، أو جزاء يوم ، ف «اليوم» على هذا اسم لا ظرف.
ومن هذا الباب قوله تعالى : (وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) (٣). من أجرى الطعام مجرى الإطعام ، كما حكاه البغداديون : عجبت من طعامك طعامنا ، كان المصدر مضافا إلى المفعول / والفاعل محذوف ، أي : من إطعامه المسكين ، وأصله : على طعام المطعم المسكين.
__________________
(١) صدره : هو الجواد ابن الجواد ابن سبل (اللسان : دوم).
(٢) المزمل : ١٧.
(٣) الماعون : ٣.