ويعلم من قوله : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) (١).
وقوله تعالى : (ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) (٢) فيكون التقدير على هذا : وأن سعيه سوف يرى محصى ، لقوله : «إلا أحصاها» ؛ أو محصلا أو مجزيا ، ويكون المبتدأ والخبر ، قبل دخول «رأيت» : سعيك يحصى ، أو يحصل ، أو مجزى عمله ، فحذف المفعول الثاني ، إذا بنيت الفعل للمفعول ، لدلالة قوله : (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) (٣).
والاقتضاء الأول المقام مقام الفاعل ، كما حذف من قوله : (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٤) وحذف المفعول.
وقال : (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ) (٥) وهو يستدعى مفعولين ، والمعنى : ثم يجزى مثل سعيه ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر.
وكذلك : (كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) (٦).
وإن شئت جعلت المضاف المحذوف «الجزاء» فقلت : المعنى : ثم يجزى الإنسان جزاء سعيه ، وترى كل نفس جزاء ما كسبت ، على أن يخرج الجزاء من أن يكون مصدرا ، كما أخرج «الصيد» و «الخلق» عن ذلك ، فيصير في موضع المفعول ، فإذا لم يخرج المفعول عن المصدر لم يجز ، لأنك حينئذ قد عدّيت / الفعل ٧٤ ى إلى مصدرين ، ولا يتعدى إلى مصدرين ، كما لا يتعدى إلى حالين.
__________________
(١) الحاقة : ١٩.
(٢) الكهف : ٤٩.
(٣) النجم : ٤١.
(٤) القصص : ٦٢.
(٥) آل عمران : ١٦١.