وإنما المعنى : أعنده علم الغيب فهو يعلم الغيب كما / يشهده ، لأن من حصل له علم الغيب ، يعلم الغيب كما يعلم ما يشاهد ، والتقدير : فهو يرى علم الغيب مثل المشاهدة ، فحذفهما للدلالة عليه ، قال (١) :
ترى حبّها عارا علىّ وتحسب (٢)
وأما قوله تعالى : (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) (٣) يجوز أن يكون من «الرؤية» التي هي حس ، والضمير فى «يرى» هو للسعى ، فيكون على هذا كقوله تعالى : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) (٤) ألا ترى أن سعيه إنما هو حركات كما أن عمله كذلك.
وقد يجوز أن يكون «يرى» يفعل ، من «رأيت» المتعدية إلى مفعولين ، وذلك أن «سعيه» إن كان حركات ونحوها مما يرى ، فقد يكون اعتقادات لا ترى ، وإذا كان كذلك ، حملته على المتعدية إلى مفعولين ، لأن كل محسوس معلوم ، وإن لم يكن كل معلوم محسوسا ، فحمله على المتعدية إلى مفعولين أولى.
والموضع (٥) الذي يعلم ذلك منه قوله تعالى : (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) ، (٦) ، والذي أسلفته يكون اعتقادا غير مرئى ، وأعمالنا مرئية.
__________________
(١) الشاعر هو الكميت.
(٢) عجز بيت ، وصدره :
بأي كتاب أم بأية سنة
والبيت من قصيدة يمدح فيها آل البيت. ورواية الديوان : «ترى حبهم». والضمير لآل البيت.
(٣) النجم : ٤٠.
(٤) التوبة : ١٠٥.
(٥) في الأصل : «والمواضع».
(٦) يونس : ٣٠.