حلو حامض ، كأنه أراد أن يعلم أنه سلام ، وأنه إلى هذا الوقت ، فإنّ الإفادة بأنها إلى مطلع الفجر ليست بحسنة ، لأن ذلك قد علم من غير هذا المكان ، فإذا كان كذا حملناه على باب (إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ) (١) ولهذا لم نجعل «حتى» خبر «هى» ، و «سلام» ل «هى» آخر ، ولأنه إذا لم يكن من باب حلو حامض ، فلا يكون من باب : هو قائم ، أولى ، وإن جعلت «هى» فاعل «سلام» ، و «حتى» فى موضع الخبر ، فهو وجه.
قال عثمان : لا يلزم إذا جعلت «حتى» متعلقة ب «سلام» أن تكون فصلت بينهما ب «هى» ، لأن «سلاما» فى موضع : مسلمة ، وأنشد :
فهلّا سعيتم سعى عصبة مازن |
|
و هل كفلائى في الوفاء سواء |
وأمّا قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) (٢) ، فينبغى أن يكون قوله «أو من وراء حجاب» إذا جعلت «وحيا» على تقدير : أن يوحى ـ كما قال الخليل ـ لمّا لم يجز أن يكون على أنّ الأولى من حيث فسد في المعنى / يكون «من وراء حجاب» على هذا متعلّقا بفعل محذوف في تقدير العطف على الفعل الذي يقدر صلة ، ل «أن» الموصولة ب «يوحى» ، ويكون ذلك الفعل : يكلم ، وتقديره : ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا أن يوحى إليه أو يكلم من وراء حجاب ، فحذف «يكلم» لجرى ذكره أولا ، كما حذف الفعل في قوله : (كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) (٣) لجرى ذكره ، والمعنى : كذلك أنزلنا ، وكما حذف في قوله : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) (٤) ، والمعنى : الآن آمنت ، فحذف ، حيث كان ذكر «آمنت» قد جرى ،
__________________
(١) غافر : ١٠.
(٢) الشورى : ٥١.
(٣) الفرقان : ٣٢.
(٤) يونس : ٩١.