وأما ما ذهب إليه علىّ بن عيسى في قوله : (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (١) إلى قوله (وَقِيلِهِ) (٢) من أن قوله «وقيله» فيمن جرّ ، معطوف على الجار والمجرور ، أعنى (٣) ... وجدا ، للفصل بين الصفة والموصول بما تراه من الكلام.
وأما قوله : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) ، فإن (٤) «حتى» متعلق إما بفعل مضمر يدل عليه «سلام» / أو بقوله (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ) (٥).
فإن قلت : فإذا كان متصلا بقوله «تنزل» فكيف فصل بين العامل والمعمول بالجملة التي هى «سلام»؟
فإن ذلك لا يمتنع لأمرين :
أحدهما : أن هذه الجملة ليست بأجنبية ، ألا تراها تتعلق بالكلام وتسدّد.
والآخر : أن تكون في موضع حال من الضمير في قوله (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها) (٦) مسلّمة ، فهذا لا يكون فصلا على هذا الوجه الآخر.
وأما إذا لم تحمله على هذا وجعلت «حتى» متعلّقا بفعل مضمر ، فلا يخلو من أن يتعلق ب «هى» أو «سلام» ، فلا يتعلق ب «هى» ، لأنه لا معنى فعل فيه ، ولا يجوز أن يتعلق أيضا ب «سلام» ، لأنك تفصل حينئذ بين الصلة والموصول بالمبتدأ ، ألا ترى أن «سلاما» مصدر ، فإذا لم يجز هذا أضمرت ما يدل عليه «سلام» ، فكأنك قلت : تسلم حتى.
فإن قلت : فلم لا تضمر فعلا بعد «هى» مما يتعلق به ، ويكون المبتدأ الذي هو «هي» قد أخبر عنه بأنه سلام ، وأنها «حتى مطلع الفجر» مثل :
__________________
(١) الزخرف : ٨٦.
(٢) الزخرف : ٨٨.
(٣) بياض بالأصل. وقد ذكر الزمخشري في تفسيره (الكشاف ٤ : ٢٦٨) ما قيل حول «وقيل». فقال : «وعطفه الزجاج على محل الساعة ؛ وحمل الجر على لفظ الساعة والرفع على الابتداء ، والخبر ما بعده. وجوز عطفه على «علم الساعة» ، على تقدير حذف المضاف».
(٤) القدر : ٥.
(٥) القدر : ٤.