«والصابرين» داخلا في الصلة ، ولكنك إن رفعت «والموفون» على المدح جاز عطف «الصابرين» على قوله «ذوى القربى» ، لأنّ الجملة تسدد الأول وتوضحه ؛ لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) (١) ، فقوله «وترهقهم ذلة» عطف على «كسبوا» ، وقوله «وجزاء سيئة بمثلها» اعتراض.
وقال قوم : بل التقدير : جزاء سيئة ، والجملة في موضع خبر قوله : «والذين كسبوا».
فأما قوله تعالى : (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى * فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) (٢) قال أبو علىّ : يحتمل عندى قوله «أحوى» ضربين :
يجوز أن يكون حالا ل «المرعى» كأنه : والذي أخرج المرعى أحوى ، فجعله غثاء أحوى ، ولا يكون فصلا بين الصلة والموصول ، لأن «أحوى» فى الصلة ، وقوله «فجعله» أيضا معطوف على الصلة ، وتقديم بعض الصلة على بعضها غير جائز ، فإذا حملته على هذا كان وصفه بالحوّة إنما هو لشدة الرىّ ولإشباع الخضرة ، كأنه أسود ، على هذا قوله : (مُدْهامَّتانِ) (٣) ، وإن كان هذا لا يقع من الوصف بالحوّة ؛ لأنه أذهب في باب السواد.
وإن جعلت أحوى صفة ل «غثاء» كان المراد به السواد لا الخضرة التي فى الرىّ أنها سواد ، ولكن بالقدرة أخرج المرعى فصار غثاءا أسود ليبسه وهيجه وتسويد الشمس له بأحراق لطيفة.
__________________
(١) يونس : ٢٧.
(٢) الأعلى : ٤ ، ٥.
(٣) الرحمن : ٦٤.