ومثله : (قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (١) جوابا لقولهم : (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً) (٢). ولو حمل على اللفظ لقال : أن أكون من الهازئين.
وأما قوله تعالى : (وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) (٣).
فقد قال في التذكرة : إنه محمول على ما قبله من المصدر ، والمصدر مفعول له ، وهو : (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) (٤) أي : للغرور. وغرورهم على ضربين :
إما أن يغرى بعضهم بعضا ، أو يغروا جميعا من يوسوسون له ويوالونه ممن لا يؤمنون.
فنقديره : للغرور ، ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون.
والضمير في «إليه» ل «زخرف القول». أو «لوحيهم» ، أو «ليرضوه».
ولا يكون أن تحمله على الأمر ، على قوله : / (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ) (٥) لثبات الألف في الفعل ، وليست بفاصلة ، فتكون مثل (السَّبِيلَا) (٦).
فإذا كان كذلك لم يتجه إلا على هذا الذي ذكرنا ؛ أو على قول أبى الحسن ، مع أن ذلك عزيز غامض ما علمته مرّ بي إلا هذا البيت الذي أنشده فيه.
قال وللقائل أن يقول : إن المقسم عليه محذوف مضمر ، كأنه :
إذا قال قدنى قلت آليت حلفة |
|
لتغنى عنّى ذا إناؤك أجمعا (٧) |
__________________
(١) البقرة : ٦٧.
(٢) البقرة : ٦٧.
(٣) الأنعام : ١١٣.
(٤) الأنعام : ١١٢.
(٥) الإسراء : ٦٤.
(٦) الأحزاب : ٦٧.
(٧) البيت لحريث بن عتاب الطائي. (مجالس ثعلب ٦٠٦). ولتغني عني ، أي لتبعده عني. ويروي : لتغني ، بفتح اللام والياء ، على إرادة نون التوكيد الخفيفة. وذا إنائك ، أي صاحب إنائك ، يعني : اللبن.