أي قلت : بالله لتشربن أو لتقتحمن جميع ما في الإناء ؛ فحذف «لتقتمحن» لدلالة الحال عليه ، ولأن ما في الكلام من قوله : «لنغنى عنى» ، وإن أجاز ذلك فيه ، لم يكن فيه حجة.
قلت : الذي قال «بلام الأمر» فى الآية ؛ هو الجبّائى ، ولم ينظر إلى إثبات الألف ، ولم يعلم أن قوله «لا ترضاها» وأخواته من الضرورة ؛ كأنه استأنس بقراءة زبّان : (لا تخف دركا ولا تخشى) (١).
فزعم الفارسي أن ذاك للفاصلة ك (الظُّنُونَا) (٢) و (السَّبِيلَا) (٣) ، وليس قوله : «ولتصغى» فاصلة.
ومن ذلك ما ذهب إليه أبو علّى في قراءة أبى عمرو في نصبه (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا)(٤) فزعم أنه محمول على قوله : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) (٥).
وأنت لا تقول : فعسى الله أن [يأتى بأن] (٦) يقول الذين آمنوا ؛ ولكن حمله على المعنى ، لأن معنى : فعسى الله أن يأتى بالفتح ، [وفعسى أن يأتى الله بالفتح] (٧) ، واحد.
وجوز فيه أن يكون بدلا من قوله «أن يأتى». أجزنا فيه قديما أن يكون محمولا على «الفتح» ، أي : وأن يأتى بالفتح ويقول المؤمنون.
كما قال الخليل في قوله تعالى : (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) (٨) أنه محمول على «الوحى»(٩).
__________________
(١) طه : ٧٧.
(٢) الأحزاب : ١٠.
(٣) الأحزاب : ٦٧.
(٤) المائدة : ٥٣.
(٥) المائدة : ٥٢.
(٦) التكملة من البحر (٣ : ٥٠٩).
(٧) الشورى : ٥١.
(٨) يريد : «وحيا» في قوله تعالى في هذه الآية السابقة من سورة الشورى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ يُرْسِلَ).