فأما قوله تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ)(١).
وزعم سيبويه أن قولهم «أنّهم إليهم لا يرجعون» بدل من موضع «كم أهلكنا».
فإن قال قائل : عن «كم» (٢) إنما هي استفهام ، فكيف يبدل منها ما ليس باستفهام؟.
فإنما ذلك لأن معنى «كم» هاهنا الخبر ، والمعنى : يؤول إلى قوله : ألم يروا أنهم إليهم لا يرجعون.
ولا يجوز أن يكون بدلا من «كم» وحدها ، لأن محل «كم» نصب ب «أهلكنا» وليس المعنى : أهلكنا أنهم لا يرجعون ، لأن معنى «أنهم لا يرجعون» الاستئصال ، ولا يصح أهلكنا بالاستئصال.
وإنما المعنى : ألم يروا استئصالهم ، فهو بدل من موضع «كم أهلكنا».
ومن ذلك قوله تعالى : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ) (٣). موضع «أن» رفع ، لأنه بدل من «رجال».
__________________
(١) يس : ٣١.
(٢) في الأصل : «فإن قال قائل عن فكم».
(٣) الفتح : ٢٥.