____________________________________
الموضع الثالث
في تفسيره صفوة الله
فاعلم إنّ هذا اللفظ محتمل لكونه وصفاً لآدم (ع) وبدلا وعطف بيان له ولا يرد علي الأوّل جموده أمّا علي القول ببجواز الوصف بالجامد مطلقا فظاهر ، وأمّا علي القول الآخر فلتأويله إلي الصفي وهو مشتق والعدول عنه إليه إنّما هو للمبالغة كما في زيد عدل ، فالمجاز في الكلمة ولكن التحقيق إنّ هذا لتصحيح اللفظ بمعني إنّه لو كان الكلام قد جيء به علي ظاهره من دون أن يقصد به المبالغة لكان حقه ان يؤل إلي المشتق وكذا تأويلهم نحوزيد عدل بذو عدول وبذلك صرح بعض أهل البيان (١) علي ما حكي عنه في بيت الخنساء تصف الناقة «فإنّما هي إقبال وإدبار» قال لم ترد بالإقبال والإدبار غير معناها حتّي يكون المجاز في الكلمة وإنّما المجاز في ان جعلتها لكثرة ما تقبل وتدبر كأنّها تجسمت من الإقبال والإدبار الخ اه وحاله إنّ المجاز في أمثال ذلك عقلي لكونه في الأسناد ، وكيف كان فصفوة الشيء بتثليت الحر كات علي الصاد خالصه وخلاصته كالصفو إلّا إنّه بالفتح خاصة وصفوة الله خيرة الله اي مصطفاه ومختاره من خلقه ، وفي بعض الأخبار سمي الصفا صفا لأنّ المصطفي آدم (ع) هبط عليه فقطع للجبل إسم من أسماء آدم ، وهبطت حواء علي المروة فسمين مروة لأنّ المرأة هبط عليه ، فقطع للجبل إسم من أسماء المرأة
__________________
(١) الشيخ عبد القادر في دلائل الإعجاز ـ منه.