نحوه ، وليكون به قدوة تحتذي لأتباعه وأوليائه ، فالعمل شرف لا يدانيه شرف. وعمل الامام لا يقلل من قيمته القيادية علي الاطلاق ، بل يقربه من النفوس الوادعة المطمئنة ، ويعلي منزلته في أنظار ذوي الهمم العالية.
روي علي بن حمزة قال :
«رأيت أباالحسن (عليهالسلام) يعمل في أرض له ، قد استنقعت قدماه في العرق ، فقلت : جعلت فداك؛ أين الرجال؟
قال (عليهالسلام) : يا علي؛ قد عمل باليد من خير مني في أرضه.
فقلت : ومن هو؟
فقال (عليهالسلام) : رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأميرالمؤمنين (عليهالسلام) وآبائي كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم ، وهو من عمل النبيين والمرسلين والأوصياء والصالحين» (١).
فاذا علمنا أن للامام ضياعا موروثة ، وأن بعض المزارع كانت بحيازته بالاحياء لأراضيها ، وأن قسما منها تملكها بالشراء ، علمنا مصدر هذا الكرم ، ومورد هذا السخاء الرهيف (٢).
يقول الأستاذ الشيخ محمدحسن آلياسين :
«وكلمة يجب أن تسجل هنا ... تلك هي أن هذا الكرم الواسع الذي أصبحت صرره مضرب المثل ، لم يكن بفضل ما يصل الامام من الأموال الشرعية من أتباعه وشيعته في شرق الأرض وغربها ، لأن ايصال تلك الأموال لمستحقيها لا يعد كرما وجودا. وانما تجسد ذلك السخاء الثر والعطاء المغدق بسبب ما كان يصله من حاصل ضياعه ومزارعه التي دخلت في ملكه شراء أو ارثا من أسلافه» (٣).
وهنا نسجل ظاهرة يرددها المعنيون بسيرة الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام)
_________________
(١) الكليني / الكافي ٥ / ٧٥ ، المجلسي / البحار ٤٨ / ١١٥.
(٢) ظ : الخطيب البغدادي / تأريخ بغداد ١٣ / ٢٨ ، ياقوت / معجم البلدان ٥ / ٢٣.
(٣) محمدحسن آلياسين / الامام موسي بن جعفر / ٥١.