(والكاظمين الغيظ) قال الامام : قد كظمت.
قال : (والعافين عن الناس) قال : قد عفوت.
قال : (والله يحب المحسنين) قال : «انت حر لوجه الله ، وقد نحلتك ضيعتي الفلانية» (١).
وأنت تري الامام في هذه الشواهد يصدر عن نفس مندمجة في معايير جديدة من الحلم والكظم ، فهو لا يكظم الغيظ فحسب ، بل يتفضل ويعفو ويجود ، فيخلق جوا نديا من المحبة والألفة والسلام.
والامام يقصد عامدا الي هذا المنهج ، فقد جمع أولاده وأوصاهم :
«يا بني؛ اني أوصيكم بوصية من حفظها انفتح بها ، اذا أتاكم آت ، فأسمع أحدكم في الأذن اليمني مكروها ، ثم تحول الي اليسري فاعتذر لكم ، وقال : اني لم أقل شيئا فاقبلوا منه» (٢).
والامام في هذا كله ينطلق من مفهوم قرآني بعيد النظر ، قوي الأسر ، وهو يطبقه فعلا ، ليدعم القول بالعمل.
قال تعالي : (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) (٣).
وقال تعالي : (ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) (٤).
ومن أولي من عدل القرآن بتطبيق مباديء القرآن.
يضاف الي هذا كله؛ أن الامام يزين حلمه بالتواضع ، وسيرته هذه بمكارم الأخلاق ، وذلك مسلك عرفاني له شواهده عند الامام.
أورد السيد الأمين عن تحف العقول : ان الامام مر برجل من أهل
__________________
(١) محمدحسن آلياسين / الامام موسي بن جعفر / ٤٨ عن شرح النهج ١٨ / ٤٦.
(٢) ابنالصباغ / الفصول المهمة / ٢٢٠ ، وقريب منه في كشف الغمة للاربلي ٣ / ٩.
(٣) سورة الأعراف / ١٩٩.
(٤) سورة فصلت / ٣٤.