يقول الأستاذ باقر شريف القرشي :
«وسمعت من الأفواه أن المحل الذي سجن به الامام معروف لدي الأوساط البغدادية ، وهو أحد قصور آل الباججي» (١).
وقيل : ان الامام سجن في دار السندي بن شاهك نفسه ، وقد يدل علي ذلك أن أخت السندي سألت أخاها أن تتولي أمر هذا العبد الصالح في حبسه ـ وكانت من المتدينات ـ فوافق علي ذلك فكانت علي خدمته ، وحكي أنها قالت :
«كان اذا صلي العتمة حمد الله ومجده ودعاه ، فلم يزل كذلك حتي يزول الليل ، فاذا زال الليل قام يصلي حتي يصلي الصبح ، ثم يذكر حتي تطلع الشمس ، ثم يقصد الي ارتفاع الضحي ، ثم يتهيأ ويستاك ، ويأكل ، ويرقد الي الزوال ، ثم يتوضأ ويصلي ، ثم يذكر في القبلة حتي يصلي للمغرب ، ثم يصلي ما بين المغرب الي العتمة ، فكانت تقول : خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل» (٢).
وقد ضيق السندي علي الامام أشد التضييق بأمر مباشر من هارون الرشيد ، وأوعز اليه أن يقيده بثلاثين رطلا من الحديد ، ويقفل الباب في وجهه ، ولا يدعه يخرج الا للوضوء ، فامتثل السندي ذلك ، ونفذ ما أراد الرشيد (٣).
وكان القبض علي الامام قد تم من قبل الرشيد لأول مرة لعشر ليال بقين من شهر شوال عام ١٧٩ ه ، وما انفك كما رأيت ، ينقل بين السجون ، حتي توفي مسموما في سجن السندي بن شاهك لخمس بقين من شهر رجب عام
__________________
(١) ظ : باقر شريف القرشي / حياة الامام موسي بن جعفر ٢ / ٤٨٧.
(٢) ظ : الخطيب البغدادي / تأريخ بغداد ١٣ / ٣١ ، ابنالأثير / الكامل ٥ / ١٠٨ ، أبوالفداء / التأريخ ٢ / ١٥ ، الذهبي / سير أعلام النبلاء ٦ / ٢٧٣.
(٣) ظ : القرشي / حياة الامام موسي بن جعفر ٢ / ٤٨٧.