ولكن الذي يبدو من الأخبار ، ويظهر للبحث أن الرشيد أودع الامام معه في قصره لدي جلبه الي بغداد ، ومن ثم سلمه لمدير شرطته عبدالله بن مالك الخزاعي ، وهو ما رواه المسعودي ، وأكده ابنطاووس ، ونقله ابنخلكان ، وذكر عند القندوزي ، وابنحجر ، وأورده المجلسي ، وفي هذا السجن لدي مدير الشرطة تم اطلاق سراح الامام ، ويبدو أنه الاطلاق ، ثم قبض عليه ، وأودع سجن الفضل بن الربيع.
هذا ما توصل اليه البحث ، فقد حدث عبدالله الخزاعي بسند صحيح قال : دعاني هارون ... فقال امض الي تلك الحجرة وخذ من فيها ، واحتفظ به الي أن أسألك عنه ، فدخلت واذا هو موسي بن جعفر ، فحملته وأدخلته داري ، وكنت أتولي خدمته بنفسي ، ومضت الأيام فلم أشعر الا برسول الرشيد يقول :
أجب أميرالمؤمنين ، فذهبت الي الرشيد ، وأذن لي بالدخول ، فوجدته قاعدا علي فراشه ، فسلمت ، فسكت ساعة ، ثم قال لي :
يا عبدالله أتدري لم طلبتك في هذا الوقت؟ اني رأيت الساعة حبشيا قد أتاني ومعه حربة ، فقال : ان لم تخل عن موسي بن جعفر الساعة ، نحرتك بهذه الحربة.
فاذهب فخل سبيله. فقلت : أطلق موسي بن جعفر؟ ثلاثا ، قال : نعم؛ امض الساعة حتي تطلق موسي بن جعفر ، وأعطه ثلاثين ألف درهم ، وقل له : ان أحببت المقام قبلنا فلك عندي ما تحب. وان أحببت المضي الي المدينة فالأذن في ذلك اليك. قال : فمضيت الي الحبس ... وخليت سبيله (١).
واذا صحت هذه الرواية باطلاق سراح الامام فانه قد أبقي في بغداد
__________________
(١) ظ : المسعودي / مروج الذهب ٣ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، ابنطاووس / مهج الدعوات / ٢٤٥ ، ابنخلكان / وفيات الأعيان ٤ / ٩٣٤ ، القندوزي / ينابيع المودة / ٣٦٣ ، ابنحجر / الصواعق المحرقة / ١٢٢.