الموت ، أو حب الدنيا وزبارجها الخداعة ، وأين منه كل ذلك؟ وهو يعيش بطش السلطة وأذاها في كل يوم ، ويتمني لقاء الله وقدومه عليه في كل دعاء وابتهال.
«ان هؤلاء القادة ـ أئمة أهل البيت (عليهمالسلام) ـ ليسوا من حيث المنطلق والمبدأ هواة حكم أو عشاق سلطان ، ولم يكن من أهدافهم في الدنيا كرسي الملك أو عرض الخلافة ، وانما يتمثل همهم الأكبر وشغلهم الشاغل في العمل علي تطبيق أحكام الدين ، وتجسيد ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله (صلي الله عليه وآله) علي صعيد الواقع المعاش للمسلمين ، فان علموا بتحقيق الثورة لذلك ـ ولو بالقوة لا بالفعل كما ثورة الحسين (عليهالسلام) ـ قاموا بها ، ولم يأبهوا بفداحة الخسائر وعظم التضحيات.
وان لم يضمنوا هذه النتيجة لا في الحال ولا في المستقبل المنظور ، امتنعوا عن اراقة الدماء ، وتأجيج نيران الحروب والفتن ، لأنها بلا جدوي ولا مردود» (١).
وثمة ملحظ آخر جدير بالأهمية ، أن الشعب المسلم وهو يعاني المحن والشدائد في حكم الارهاب والجبروت ، قد ضربت أغلب فصائله صفحا عن السياسة ومشكلاتها ، واتجه شبابها نحو الاغتراف من نمير أهل البيت العلمي ، فكانت قوافل العلماء تؤم ساحة أهل البيت الرعيل اثر الرعيل ، للاستضاءة بنور العلم ، وكانت عائدية التمتع بهذا البرنامج المعرفي تعود بما هو أجدي نفعا للمسلمين ، وبما هو أكثر تحريرا للعقول ، وهي ترفض الاعتساف السياسي ، وتأبي التضحية بالنفس دون جدوي متوافرة.
ان ما قام به الحسين بن علي (صاحب فخ) عبارة عن انكار للمفهوم السلطوي العام ، وكان هذا الانكار في أقصي درجاته وأعظم عطائه ، وهذه
__________________
(١) محمدحسن آلياسين / الامام موسي بن جعفر / ٦١ ـ ٦٢.