٤٨ ـ قوله تعالى : (وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) :
القراءة المشهورة ظاهرة (١).
ويقرأ ـ بفتح الكاف ـ قيل : هو جواب الاستفهام ، فى قوله : «أتجعل»؟
والواو كالفاء هاهنا ، أى : أن تجعل فيها مفسدا ، يسفك الدماء (٢).
ويقرأ «ويسفّك» ـ بالتشديد ـ على التكثير.
ويقرأ ـ بضم الياء ، من غير تشديد ـ وفيه وجهان :
أحدهما : أنه جعل الماضى على «أسفك» أى : تعرضها للسفك ، كما تقول : «أبعت المتاع» (٣) إذا : عرضته ، للبيع ، قال الشاعر :
ورضيت فلّا الكميت ، فمن يبع |
|
فرسا ، فليس جوادنا بمباع |
أى : من رضى أن يبيع فرسا ، فنحن لا نرضى أن نعرضه للبيع ، فضلا عن البيع.
والثانى : أن الهمزة فى «أسفك النّاس الدّماء ، يسفك» متعد إلى مفعول (٤) واحد وبالهمزة يتعدى إلى اثنين ، كقولك : «ألحمتك عرض فلان» ، أى : مكنتك منه (٥) ، ويقرأ بفتح الياء ، وضم الفاء ، وهى لغة.
__________________
(١) أراد : ظاهرة الإعراب والمعنى ، فعل مضارع ، مرفوع ، وفاعله مستتر ، ومفعوله «الدماء».
(٢) يريد أبو البقاء : أن نصب «يسفك» بأن مضمرة بعد واو المعية ، وهى كالفاء ، قال ابن مالك :
والواو كالفاء إن تفد مفهوم مع |
|
كلا تكن جلدا ، وتظهر الجزع |
ويقول ابن الناظم :
«وجميع المواضع التى ينصب فيها المضارع بإضمار «أنّ» بعد الفاء ، ينتصب فيها كذلك بعد «الواو» إذا قصد بها المصاحبة ...» انظر ١ / ٦٨١ شرح ابن الناظم ـ بتحقيقنا».
(٣) من معانى «أفعل» : الثلاثى ، المزيد بالهمزة : التعريض ، ومعناه : أن تقصد الدلالة على أنك عرضت المفعول به لأصل معنى الفعل ، تقول : «أبعت الثوب ، وأرهنت المتاع» : عرضت الثوب للبيع ، والمتاع للرهن ، وإن لم يحصل مضمون الفعل ، انظر كتابنا تصريف الأفعال : ٢٣٣ ، ٢٣٤. وانظر النهر ١ / ١٤١.
ومن ذلك : جاء بيت الشاعر ، وقد ذكر المعنى «أبو البقاء».
(٤) فى (أ) «إلى غير مفعول».
(٥) انظر كتابنا «الباء» : مبحث «همزة التعدية» ص ٧٣ ـ ٧٨.