النفس البشرية ليظهر ما يخبئه الإنسان ، وكما أشرنا سابقا فى الرحلة الثالثة للخضر وموسى عليهالسلام (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) (١) ... ، والمستقبل يشمل البعيد وهو ما يحدث يوم القيامة ... ، والقريب مثل التنبؤ بنتائج حروب ومصائر الشعوب ، والإعجازات فى العلوم المختلفة ... ، إنه الكتاب المعجز فى كل زمان ... ، لقد تحدى الله تعالى العرب بالإعجاز اللغوى ، لذلك طلب منهم أن يأتوا بسورة من مثله ثم لم يستطيعوا ... ، ثم تحدى الجاحدون بعد ذلك بظهور الإعجاز العلمى ... ، وقبل ذلك تحدى الله بخلق الذبابة ... ، أو صنع قطرة ماء ... ، أو الهروب من الموت ... ، أو معرفة عالم الغيب ... ، إن الله تعالى قد أخبرنا بمراحل الخلق وهى التراب ... ، ثم الطين ... ، ثم الحمأ المسنون ... ، ثم يجف فيكون الصلصال ... ، ثم نفخ فيه الروح ... ، والموت يثبت ذلك حيث إنه عكس عملية الخلق حيث تخرج الروح ... ، ثم يتيبس الجسم ويتصلب ، مرحلة الصلصال كالفخار ... ، ثم يرم وهى مرحلة الحمأ المسنون ... ، ثم يتبخر الماء من الجسم شيئا فشيئا فيمر الإنسان بمرحلة الطين ثم يجف تماما حتى يصير ترابا وهذا بالفعل هو عكس البناء فإذا كانت الروح هى آخر شىء دخل جسم الإنسان بعد خلقه حيث بدأ الخلق بالتراب ثم الطين ثم الحمأ المسنون ثم الصلصال كالفخار ثم تنفخ الروح ، ونجد أن المراحل السابقة التى يمر بها الإنسان بعد موته هى عكس مراحل البناء لذلك فإن هناك قاعدة تنص على أن نقض كل شىء يأتى عكس بنائه (٢) ... ، لذلك فالروح هى أول ما يخرج من جسم الإنسان عند الموت بعكس الحياة كانت آخر شىء يدخل جسده ... ، فالموت دليل على إثبات مراحل الخلق التى اخبر بها الله تعالى ... ، فسبحانه فى كل وقت وحين ... ، وإذا كان العلم الحديث اكتشف الذرة وأقل منها يقول ـ سبحانه (وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ، وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٣) ... ، فعلينا بتصديق رسالة
__________________
(١) سورة الكهف الآية ٧٧.
(٢) ذكر ذلك الشيخ محمد متولى الشعراوى ـ فى معجزة القرآن.
(٣) سورة يونس الآية ٦١.