قراءة عبد الله : عن قتال فيه ، على تكرير العامل ، كقوله : (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) وقرأ عكرمة : قتل فيه قل قتل فيه كبير ، أى إثم كبير. وعن عطاء : أنه سئل عن القتال في الشهر الحرام؟ فحلف بالله ما يحل للناس أن يغزوا في الحرم ولا في الشهر الحرام إلا أن يقاتلوا فيه ، وما نسخت. وأكثر الأقاويل على أنها منسوخة بقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ). (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) مبتدأ وأكبر خبره ، يعنى وكبائر قريش من صدّهم عن سبيل الله وعن المسجد الحرام ، وكفرهم بالله وإخراج أهل المسجد الحرام وهم رسول الله والمؤمنون (أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) مما فعلته السرية من القتال في الشهر الحرام على سبيل الخطأ والبناء على الظن (وَالْفِتْنَةُ) الإخراج أو الشرك. والمسجد الحرام : عطف على سبيل الله ، ولا يجوز أن يعطف على الهاء في : (بِهِ). (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ) إخبار عن دوام عداوة الكفار للمسلمين وأنهم لا ينفكون عنها حتى يردّوهم عن دينهم ، وحتى معناها التعليل كقولك : فلان يعبد الله حتى يدخل الجنة ، أى يقاتلونكم كى يردّوكم. و (إِنِ اسْتَطاعُوا) استبعاد لاستطاعتهم كقول الرجل لعدوّه : إن ظفرت بى فلا تبق علىَّ. وهو واثق بأنه لا يظفر به (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ) ومن يرجع عن دينه إلى دينهم ويطاوعهم على ردّه إليه (فَيَمُتْ) على الردّة (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) لما يفوتهم بإحداث الردة مما للمسلمين في الدنيا من ثمرات الإسلام ، وباستدامتها والموت عليها من ثواب الآخرة. وبها احتج الشافعي على أن الردّة لا تحبط الأعمال حتى يموت عليها. وعند أبى حنيفة أنها تحبطها وإن رجع مسلماً. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا) روى أن عبد الله بن جحش وأصحابه حين قتلوا الحضرمي ، ظنّ قوم أنهم إن سلموا من الإثم فليس لهم أجر ، فنزلت (أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ) وعن قتادة : هؤلاء خيار هذه الأمّة ، ثم جعلهم الله أهل رجاء كما تسمعون. وإنه من رجا طلب ، ومن خاف هرب.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩) فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٢٢٠)
نزلت في الخمر أربع آيات نزلت بمكة (١) : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ
__________________
(١) قال محمود رحمه الله : نزلت في الخمر أربع آيات نزلت بمكة ... الخ». قال أحمد : ويظهر لي سر واقع مما ذكره في هذا الغرض ، وذلك أن السؤال الأول من الأسئلة ـ