(.. لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ، وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ. وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ ، وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ ..)(١).
وهذه الكلمة كذلك قرئت بالنصب «والمقيمين» وهي قراءة الجمهور. أما قراءة الرفع «والمقيمون» فهي قراءة ابن جبير ، وعمرو بن عبيد ، والجحدري وعيسى بن عمر ، ومالك بن دينار ، وعصمة عن الأعمش ، ويونس ، وهارون عن أبي عمرو (٢).
وهو كذلك في مصحف ابن مسعود وأبي في قول.
توجيه القراءتين :
قراءة الرفع «والمقيمون» نسقا على الأول.
أما قراءة النصب (وَالْمُقِيمِينَ) منصوبا على القطع المفيد للمدح والتعظيم وفي هذا بيان لفضل الصلاة ومنزلتها من شرائع الدين.
وقد سبق الإشارة في الرد السابق على هذا النوع من الأسلوب في العربية.
وقد علق الإمام أبو حيان على هذه الفرية المنسوبة للسيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ تحت هذه الآية فقال : [.. وذكر عن عائشة وأبان بن عثمان أن كتبها بالياء من خطأ كاتب المصحف ولا يصح عنهما ، ذلك لأنهما عربيان فصيحان ، وقطع النعوت أشهر في لسان العرب وهو باب واسع ذكر عليه شواهد سيبويه وغيره وعلى القطع خرج سيبويه ذلك](٣).
وقال الزمخشري : [«والمقيمين» نصب على المدح لبيان فضل الصلاة ، وهو باب واسع قد ذكر سيبويه عليه أمثلة وشواهد ولا يلتفت على ما زعموا من وقوعه لحنا في خط المصحف. وربما التفت إليه من ينظر في الكتاب ولم
__________________
(١) سورة النساء : ١٦٢.
(٢) تفسير البحر المحيط ٣ / ٣٩٥ ، إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر ص ١٩٦.
(٣) تفسير البحر المحيط ٣ / ٣٩٥ ـ ٣٩٦.