يعرف مذاهب العرب وما لهم من النصب على الاختصاص من الافتنان ، وخفي على السابقين الأولين الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كانوا أبعد همة في الغيرة على الإسلام ، وذب المطاعن عنه من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة ليسدها من بعدهم وخرقا يوفوه من يلحق بهم](١).
وفي هذا بلاغ لإبطال مزاعم «نولديكه» وبيان جهله بالأساليب العربية ، وفنون كلامهم.
الآية الثالثة :
قوله : «والصابئون» بدلا من «والصابئين» من قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ..)(٢) الآية.
الجواب :
ذكر في كلمة «الصابئون» قراءتان بالواو وبالياء. قرأ بالياء «والصابئين» عثمان وأبي وعائشة وابن جبير والجحدري ونسبها الزمخشري لابن كثير (٣) ولم أجد أحدا سواه نسبها له وهي قراءة ابن محيصن (٤).
وقرأ بالرفع «والصابئون» الحسن والزهري ، وهي قراءة القراء السبعة وعليه مصاحف الأمصار والجمهور (٥).
وفي توجيه قراءة الرفع وجوه أقواها ما ذهب إليه سيبويه والخليل ونحاة البصرة أنه مرفوع بالابتداء ، وهو منوي به التأخير ونظيره إن زيدا وعمرو قائم. والتقدير إن زيدا قائم وعمرو قائم فحذف خبر عمرو لدلالة خبر إن عليه والنية
__________________
(١) الكشاف ١ / ٥٨٢.
(٢) سورة المائدة : ٦٩.
(٣) الكشاف ١ / ٦٣٢ ـ ٦٣٣.
(٤) إتحاف فضلاء البشر ص ٢٠٢.
(٥) تفسير البحر المحيط ٣ / ٥٣١.