ولم تكن ثقيف وهذيل مع فصاحتها يستعملان ذلك فلو أنهما وليتا أمر المصاحف ما وليه من تقدم من المهاجرين والأنصار لرسمتا جميع تلك الحروف على حال استقرارها في اللفظ ووجودها في المنطق دون المعاني والوجوه إذ ذلك المعهود عندهما والذي جرى عليه استعمالهما. هذا تأويل قول عثمان عندي لو ثبتت وجاء مجيء الحجة وبالله التوفيق](١).
إذن فلا حجة «لنولديكة» لزعمه القرآن فيه أخطاء بحجة ما نسبه من أثر لعثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ.
الشبهة الثانية :
زعم «نولديكه» أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ في معرض تعليقها على كتابة بعض الآيات التي فيها أخطاء لغوية نسبت ذلك للكتاب بقولها : «هذا عمل الكتاب أخطئوا في الكتابة» (٢) وضرب على ذلك أمثلة منها :
١ ـ الصابرون بدلا من الصابرين (٣).
٢ ـ والمقيمين بدلا من والمقيمون (٤).
٣ ـ والصابئون بدلا من والصابئين (٥).
٤ ـ إن هذان لساحران بدلا من إن هذين لساحران (٦).
هذه الشبهات مرجعها جهل هؤلاء المستشرقين بلغات العرب ومذاهبهم في الخطاب ، وأساليبهم في البيان.
__________________
(١) انظر المقنع ـ للداني ص ١١٦ ـ ١١٧.
(٢) تاريخ القرآن ـ نولديكه ٣ / ٢.
(٣) سورة البقرة : ١٧٧.
(٤) سورة النساء : ١٦٢.
(٥) سورة المائدة : ٦٩.
(٦) سورة طه : ٦٣.