والذي ينظر في تفسير المعتزلة يجده ينطلق من أصولهم كما ذكرت فمثلا انطلق من مبدأ العدل عندهم مسألة هل الإنسان مخير أم مسير؟ وحملوا كثيرا من الآيات عليه وناصروه.
أما أصل التوحيد فبحثوا تحته مسألة رؤية البشر لله سبحانه فنفوها وأولوا الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي جاءت صريحة فيها.
وليس غريبا أن يكيل «جولد تسيهر» خاصة والمستشرقون عامة الكثير من الثناء لتفسير المعتزلة لما فيه من خدمة لأغراضهم وهي محاربة أهل السنة والجماعة وتفاسيرهم المعتبرة وعلى رأسها (التفسير بالمأثور).
كما أن هناك دافعا آخر لهؤلاء المستشرقين وهو أن هذا المذهب يلائم ما عليه الغرب اليوم من تقديس للعقل وإعطائه حرية أكثر مما يستحق.
والغربيون اليوم يعيشون بفسحة من الحرية العقلية جعلتهم يشجعون مثل هذا النوع من التفسير ويصفون أهله بأهل التقى والورع وأنهم الأحرار .. إلخ.
فلا أدري أين هذه التقوى وأين الورع ، وقد خرجوا في تفسيرهم عن جادة الصواب ، ولم يلتزموا به الشرع ولا ظاهر النصوص ولا روح الشريعة السمحاء ، زيادة على تأويلهم كل نص يخالف مذهبهم وقسرهم الآيات على نصرته بشكل غير مقبول إطلاقا.
والمعتزلة لم ينفكوا في مهاجمة أهل السنة والتشنيع عليهم والتنفير من طريقهم. فهذا النظام يوصي تلاميذه أن لا يسترسلوا بالجلوس إلى كثير من المفسرين من أهل السنة وإن نصبوا أنفسهم للعامة وأجابوا عن كل مسألة.
حيث زعم «النظّام» أن كثيرا من هؤلاء المفسرين يقول بغير رواية وعلى غير أساس ، وأنه كلما كان المفسر أغرب كان عند العامة أحب وذكر من بين هؤلاء المفسرين عكرمة ، والكلبي ، والسدي ، والضحاك ، ومقاتل بن سليمان وأبا بكر الأصم ، وغيرهم.