بأنه كان امتدادا لخط مجاهد بن جبر التابعي الجليل في التفسير (١) ورد فعل للتصورات التجسيمية في صفات الله سبحانه وتعالى.
الرد على هذه الشبهة :
بدأ علم التفسير كما سبق أن ذكرت بالتفسير بالمأثور ، ثم انتقل بعد ذلك ليكون تفسيرا عقليا وهو التفسير بالرأي بنوعيه المحمود منه والمذموم.
فالتفسير بالرأي المحمود ما كان منضبطا بقواعد التفسير التي حددها العلماء.
وهذا النوع من التفسير صنو للتفسير بالمأثور ومكمل لمهمة التفسير بالمأثور لبيان كتاب الله سبحانه للناس.
لذا فلا حرب ولا مخاصمة بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي المحمود.
أما المذموم منه فكما قلت هو الذي خالف قواعد علم التفسير الجائز لنصرة مذهب فاسد ، أو مبدأ باطل حيث يفسر أصحابه الآيات حسب أهوائهم ويؤولون الآيات التي تخالف معتقداتهم وتصوراتهم ، فلا شك أن هذا النوع من التفسير لا يقبل لأنه يخالف التفسير بالمأثور وتفسير الرأي المحمود. وعلى رأس هذا النوع من التفسير (تفسير المعتزلة) الذي جاء لخدمة أصولهم العقدية الخمسة التي خالفوا بها عقيدة أهل السنة والجماعة. وقد سخّر المعتزلة لتفسيرهم كل ملكاتهم وقدراتهم العقلية والعلمية وساعدهم على ذلك تمكنهم من العربية وأساليبها ، وتمكنهم في العلوم العقلية والحكمية (٢) والفلسفية والمنطقية والكلامية ، ورد كل ذلك للعقل حتى لو خالف الشرع لاعتقادهم أن العقل حجة على الشرع لا العكس فما حسنه العقل عندهم فهو الحسن وما قبحه العقل فهو القبيح (٣).
__________________
(١) مذاهب التفسير الإسلامي ص ١٢١.
(٢) دراسات حول القرآن الكريم ـ د / إسماعيل الطحان ـ ص ١٧٣ ـ ١٧٤.
(٣) مناهج التفسير د / مصطفى الجويني ص ١٠٧ ـ ١٠٨.