سنة فلازم بعده كبار الصحابة وأخذ عنهم ما فاته من حديث الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وكان على معرفة تامة بلغات العرب وآدابها. وواقفا على أسرارها كل ذلك جعله يعد من العلماء الكبار والمفسرين المشار إليهم بالبنان.
وكان كذلك ببركة دعاء الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ له حيث قال : «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» (١).
كما ساعد في ذلك مزايا شخصية اجتمعت فيه قلّ أن تجتمع في غيره وهي : ذكاء نادر ، وذهن جوال ، وقريحة وقادة ، ورأي صائب ، ودين متين ، وإيمان راسخ ، وقلب عقول ، ولسان سئول ، وقد أثنى عليه عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ بقوله : «نعم ترجمان القرآن ابن عباس» (٢).
قيمته في التفسير :
كان ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ من أفقه الصحابة رضوان الله عليهم بكتاب الله سبحانه وأعلمهم به حتى كان يلقب بالبحر لسعة علمه به.
قال عنه مجاهد : «إذا فسر الشيء رأيت عليه النور» (٣).
قال علي ـ رضي الله عنه ـ مثنيا على تفسيره بقوله : «كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق» (٤).
وقال ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ وطاوس ، وعكرمة ، وجابر بن عبد الله : «ابن عباس أعلم أمة محمد بما نزل على محمد» (٥).
__________________
(١) مسند الإمام أحمد بن حنبل ١ / ٢٦٦.
(٢) انظر التفسير والمفسرون للذهبي ١ / ٦٥ ، ولمحات في علوم القرآن للصباغ ص ١٢٣ مجمع الزوائد ٩ / ٢٧٦ والحديث بلفظ (نعم ترجمان القرآن أنت) وفيه عبد الله بن خراش وهو ضعيف ، انظر طبقات ابن سعد ٢ / ٣٦٦.
(٣) مقدمة في أصول التفسير ص ٦١.
(٤) أعلام الموقعين عن رب العالمين ١ / ٢٠ ، طبعة دار الجيل ـ بيروت ـ تعليق عبد الرءوف سعد.
(٥) انظر تحفة الطائف في فضائل الحبر ابن عباس ووج والطائف للشيخ محمد الهاشمي ص ١١٧.