ويدل على علو شأنه في هذا المجال رجوع بعض الصحابة وكثير من التابعين إليه في فهم ما أشكل عليهم من كتاب الله.
وقد أسس ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مدرسة تفسيرية في مكة تعتبر في مقدمة المدارس الأخرى قال عنها ابن تيمية ـ رحمهالله ـ : «وأما التفسير فإن أعلم الناس به أهل مكة ، لأنهم أصحاب ابن عباس» (١).
وكان من تلاميذها مجاهد بن جبر ، وعطاء بن أبي رباح ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة مولى ابن عباس ـ رضي الله عنهم ـ.
وقد زودت هذه المدرسة سائر الأمصار بعلمها : حتى أن لإعجاب الناس بتفسيره ما كانوا يعدلون إلى قول غيره ، وإذا تعارض قوله مع أقوال غيره من الصحابة كان يقدم قوله كما صرح بذلك الإمام الزركشي (٢).
وقد كثرت الرواية عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ كثرة كبيرة مما دعا بعض ضعاف النفوس بالكذب عليه ـ رضي الله عنه ـ.
وهناك طرق عديدة نقلت عنه ـ رضي الله عنه ـ وهي متفاوتة في القوة وسأقتصر على ذكر طريقين قويين وأخرى واهية.
١ ـ أجود الطرق هي طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وابن أبي طلحة غالبا يروي عن مجاهد عن ابن عباس. وهذه الطريق اعتمدها البخاري ومسلم وأحمد وأصحاب السنن.
وقد ركز «جولد تسيهر» بالتعريض بهذه الطريق ورجالها كاعتباره أن عرض مجاهد المصحف على ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ثلاث عرضات من الأساطير.
__________________
(١) انظر الطبقات لابن سعد ٢ / ٣٦٦ ـ ٣٧٢.
(٢) التفسير والمفسرون ١ / ٦٩ ـ ٧٠ ودراسات في التفسير ورجاله ٦٠ ـ ٦١.