واعترف عقلاؤهم أنه مما لا يقدر عليه البشر.
قال الوليد بن عقبة عند ما سمع شيئا منه من النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ [والله إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أسفله لمغدق ، وإن أعلاه لمثمر ، وما يقول هذا بشر](١).
أما ما ذكره «سال» من أن القرآن نفسه تضمن نفي صفة الإعجاز عن كلامه يريد من ذلك بعض الآيات التي يفهم معناها أو حملها على غير مرادها من ذلك قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا : قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)(٢).
وهذه الآية هى مقولة النضر بن الحارث قالها عند ما جاء بأخبار ملوك فارس يقرأها على قريش زاعما أنها مثل ما يذكره محمد من قصص الأولين.
فقوله : (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا). يدل على أنه ما شاء ذلك القول وما قال. فثبت أن النضر أقر أنه ما أتى بالمعارضة. وإنما أخبر أنه لو شاءها لأتى بها وهذا ضعيف. لأن المقصود إنما يحصل لو أتى بالمعارضة ، أما مجرد القول فلا فائدة فيه (٣).
فلو كانوا جادين وصادقين في دعواهم في استطاعتهم الإتيان بمثله لأتوا وكفوا أنفسهم مئونة القنا والحروب والدماء بسطر واحد كالقرآن العظيم ، ولكنهم ، لما لم يفعلوا ولن يفعلوا علم أن قولهم ادعاء لا رصيد له من الواقع.
أما زعمه [أن محمدا نفسه جاء بكلام يضاهي في فصاحته كلام القرآن] مستدلا على ذلك بقصة الغرانيق.
١ ـ هذا الكلام خال من الصدق والصحة ، والرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم
__________________
(١) نفس المرجع ص ٥٨٥.
(٢) سورة الأنفال : (٣١).
(٣) التفسير الكبير ٨ / ١٦١ ـ ١٦٢.