أَلِيمٌ)(١).
أما الأسلوب الرفيع البعيد عن البذاءة ـ على حد تعبيرهم ـ ويقصدون به العفو والصفح وأنه غير موجود في السور المكية فهي مجرد دعوى وآيات العفو والصفح كما هي في السور المدنية فهي في السور المكية ومثال ذلك ما جاء في سورة الأعراف (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ)(٢) وقوله تعالى في سورة فصلت : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(٣) الآية.
فمن هنا يظهر أن مسلك القرآن الكريم في كل هذه الألوان من الأساليب من وعد ووعيد ، وترغيب وترهيب ، وعفو وصفح وتهديد ، راجع لمقتضى المقام وهذا هو الأسلوب الحكيم.
ويرحم الله القائل :
فقسا ليزدجروا ومن يك حازما |
|
فليقس أحيانا على من يرحم |
والقائل :
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا |
|
مضر كوضع السيف في موضع الندى (٤) |
وهناك أمر لا بد من التنبيه عليه وهو أن نزول القرآن بمثل هذا النوع من الأسلوب كان من باب المشاكلة لأقوال المشاركين المعاندين مثال ذلك : نزول سورة المسد كان سبب نزولها أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ صعد ذات يوم على الصفا فنادى يا صباحاه. فاجتمعت إليه قريش. قال : أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أكنتم تصدقوني. قالوا : بلى قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب : تبا لك ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله سبحانه وتعالى :
__________________
(١) سورة البقرة آية : ١٧٤.
(٢) سورة الأعراف آية : ١٩٩.
(٣) سورة فصلت آية : ٣٤.
(٤) المدخل لدراسة القرآن الكريم ص ٢٣٦ ـ ٢٣٨.