(أن القرآن كتاب ذو ذوق رديء للغاية ولا جديد فيه إلا القليل ، وفيه إطناب بالغ وممل إلى حد بعيد) (١).
هذا الكلام الملقى جزافا يرفضه عقل الطفل قبل الرجل السوي لأنه الكتاب الذي لا تمله الأسماع ، ولا تعافه النفوس ولا يخلق عن كثرة الرد لأنها تجد فيه متعتها وأنسها وسلوة أحزانها ، وإشباع فكرها ، وصقل ذوقها ، وقوامة أخلاقها ، وكمال حاجتها من الشرائع والقوانين.
الشبهة الثالثة :
زعم بعضهم أن القرآن المكي تأثر بالأوساط التي نزل فيها من حيث التأدب في اللفظ وعدمه. فالمكي تجد فيه الألفاظ النابية أما المدني فتجد فيه رفعة في العبارة وبعدا عن هذه الألفاظ (٢).
إيحاء منهم بالتأثر بالأدب اليهودي في المدينة ـ على حد زعمهم ـ.
الجواب :
هذه الأوصاف التي يطلقها المستشرقون على القرآن الكريم عارية عن الصحة. أما إن قصدوا بها الوعد والوعيد والتقريع والتهديد للكفار في بعض الآيات ، أو صفحا وعفوا في غيرها فهذا النوع من الآيات لا يسمى سبابا ولا شتما بل هو لون من ألوان الأسلوب العربي. والقرآن الكريم نزل بلغة العرب وعلى أساليبهم وأفانين الكلام عندهم.
وهذا النوع من الأسلوب ليس في السور المكية فقط ـ على حد زعمهم ـ بل هو موجود كذلك في السور المدنية قال تعالى في سورة البقرة : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ
__________________
(١) الاستشراق والخلفية الفكرية ـ د / محمد حمدى زقزوق ص ٩٤ ، وقضايا قرآنية ص ٧٤ ـ ٧٨.
(٢) مناهل العرفان في علوم القرآن ١ / ٢٠٦ ، والمدخل لدراسة القرآن الكريم ص ٢٣٦.