انقراض إمارة المنتفق
اتخذ العثمانيون تدابير جمّة للقضاء على الإمارات داخل العراق لما ازعجتها بأوضاعها وبأمل أن تكون الدولة صاحبة الامر. ولم يكن القضاء على إمارة المنتفق بالامر السهل. واذا تم في وقت عاد في آخر.
ولعل أهم سبب ان هذه الإمارة فقدت الوحدة ، وان الاذعان اختل ووسائل الاحتفاظ بالوحدة زالت. لتوالي الحروب ، ولطموح الرؤساء وتنازعهم الزعامة فتعددت الكفاءة فيهم. وان رجال العشائر انهكتهم القسوة من الحكومة لما رأوا من التزام وارهاق فيه اضطر الكثير إلى هجر أوطانهم والميل إلى ايران أو إلى الانحاء الاخرى المجاورة.
ساقت الدولة قوة على المنتفق للقضاء على الامارة. ولو لم تسق لكانت النتيجة واحدة إلا أن الجيش عجل بالمهمة. وكان ركون الدولة إلى ذلك استعانة بالاسلحة الجديدة التي لا تطيق العشائر صبرا على تحمل نيرانها. يضاف إلى هذه النزاع على المشيخة والمزايدات في الالتزام واختلال أمره حتى أدى إلى سوء الحالة. فالعشائر لا تطيق ارضاء الامارة ، ولا تتمكن من سد نهم الحكومة ، فتولدت المصيبة وتحملتها العشائر على مضض. وربما كانت السبب الرئيسي في هذا الافتراض.
وأول ما فعلته الحكومة أن جعلت كل عشيرة مسؤولة رأسا نحوها في حاصلاتها. فأرادت أن تقوي منزلتها من نفوس الاهلين ، فتساهلت. وهكذا كان بناء الناصرية عاملا مهما في اتخاذ مركز للدولة في وسط اللواء للتسلط على العشائر. والحالة تنطق بالوضع أكثر من مئات المؤلفات إلا أن الحوادث تعين على الحل الصحيح.
ويهمنا بيان ان انقراض الإمارة مسبب من الدولة. اتخذت جملة تدابير للقضاء عليها ، فأدى الأمر إلى بذل جهود عديدة بلا جدوى. لحد أن الدولة كادت تظهر العجز مع أنها استخدمت أكابر رجالها للمهمة فلم تكن مثل بابان ، ولا العمادية ، ولا غيرهما.