مظاهره المادية الخارجية ـ منسجما مع فكرة الدولة الإسلامية محكمة التنظير والتسيير ، والسائدة إلى حدود القرن الرابع عشر الميلادي.
وإذا كان ابن خلدون قد ساهم في وضع اللبنات والأسس التي بنى عليها الصفار رحلته ، فإن الطهطاوي هو الذي زود الفقيه التطواني بمواد البناء. وإذا اكتفى الصفار بإشارة عابرة إلى اسم الرحالة والمفكر المصري المذكور ، فإن المقارنة بين متني الرحلتين تبين أن الصفار أخذ أشياء كثيرة عن الطهطاوي (١). ولا نستطيع الجزم بأن الصفار قد اطلع على كتاب الطهطاوي خلال مدة وجوده في فرنسا ، أو بأنه وجد نسخة من تخليص الإبريز في المغرب بعد عودته. غير أن ما يبدو واضحا ، هو أن كتاب الطهطاوي كان مفتوحا أمام الصفار في بعض النقط ، واستمد منه أشياء عديدة ، نظر الوجود أوجه تشابه كبيرة في الأسلوب والشكل وفي بعض التفاصيل. بل وهناك تصرف واضح في عبارات الطهطاوي من حيث أسلوبها الأصلي ، بشكل لا يمكن أن ينظر إليه من حيث الأعراف الغربية إلا بأنه من باب السرقة الأدبية. غير
__________________
(١) ولد رفاعة الطهطاوي في طهطا بمصر العليا سنة ١٨٠١ ، وتلقى دراسته بجامع الأزهر. وفي ١٨٢٦ أرسله الخديوي محمد علي إلى باريز ليؤم مجموعة من الطلبة في الصلاة. درس في باريز لمدة خمس سنوات ، فتعلم الفرنسية بطلاقة ، ولخص انطباعاته حول فرنسا في كتاب تحت عنوان : تخليص الإبريز في تلخيص باريز ، وقد نشر بمطبعة بولاق بعد مدة قصيرة من عودته إلى مصر. وحظي ذلك الكتاب بشعبية كبيرة ، فترجم إلى التركية ، كما كان معروفا أيضا عند المثقفين المغاربة. وقد صدرت له حديثا ترجمة إلى الفرنسية أنجزها أنور لوقا :
Anouar Louca, L\'or de Paris : Relation de voyage, ٦٢٨١ ـ ١٣٨١,) paris, ٨٨٩١ (.
وكانت وفاة الطهطاوي سنة ١٨٧٣. أما عن فصول حياته وأفكاره ، فانظر ما يلي :
ووردت إشارة الصفار العابرة للطهطاوي هكذا : «الرفعة أفندي» ، انظر الصفحات اللاحقة من هذا الكتاب.