الجديدة قد تم على
الشكل الآتي :
«وسبب اتصال
الفقيه الصفار بالسلطان الأعظم مولانا عبد الرحمن نور الله ضريحه ، أنه أمر كافة
عمال إيالته بأن يتخذوا الكتاب من المدن الذين يحسنون الإنشاء والترسيل حيث كانت
مكاتبهم ترد على الأعتاب الشريفة بخط طلبة البادية الذين لا يفهمون خطابا ولا
يحسنون جوابا ولا يعرفون نحوا ولا لغة. ومن جملة العمال ، عامل تطوان الحاج عبد
القادر أشعاش ، فطلب من الفقيه الصفار أن يأخذ بيده في أجوبة المكاتب التي ترد
عليه من الحضرة الشريفة ، فامتنع من ذلك ، ولا زال يستعطفه حتى ساعده على ذلك.
ولما وصل أول كتاب كتبه على لسان العامل المذكور لسيدنا مولانا عبد الله ، استحسنه
وقال : الآن أتخذ أشعاش الكاتب» .
وحين أمر السلطان
مولاي عبد الرحمن عامله على تطوان ، عبد القادر أشعاش ، بالاستعداد تهييئا لرحلته
إلى فرنسا ، طلب منه اختيار «عالم يقيم أمر الدين من صلاة وقراءة» ، وكان من
الطبيعي جدا وقوع اختياره على محمد الصفار. وقد أظهر الصفار حب استطلاع كبير أثناء
وجوده في فرنسا ، فسجل أمورا كثيرة في أوراقه تسجيلا مفصلا. فهو مثلا يهتم بتذوق
أنواع الطعام ، ويحاول التقرب من مظاهر البذخ ومن كل ما تتميز به الحياة الأوربية
من مظاهر أثارت استغرابه وإعجابه بما كانت تزخر به من تنوع. وفي هذا الصدد كتب بوميي
(Beaumier) إلى دوشاستو (de
Chasteau) في طنجة بما يلي : «إن الفقيه ... مشغول طوال الوقت.
وإن لديه موهبة عقلية نادرة ، وهو بصدد إنجاز بحث حقيقي ، فقد كتب أشياء كثيرة» . وعلى امتداد صفحات الرحلة ، بدا الصفار مفعما بالحيوية
وبدقة الملاحظات. وجدناه يعبر عن مشاعر الإعجاب أمام جمالية المرأة ، ويبدي
تحسراته أثناء قيامه بالوضوء استعدادا للصلاة ، بل ويتألم متبرما من الساعات
الطوال التي كانت تستغرقها وجبات الطعام. أما وجهات نظره وأفكاره فهي متباينة من
صفحة إلى أخرى ؛ بعضها مبتذل وعادي لا أصالة فيه ، وبعضها الآخر أصيل بكل ما في
الكلمة من معنى. ولم تكن الرحلة عند الصفار مجرد سلسلة من الأشياء المثيرة ، بل
تجاوزتها لتكون
__________________