التفاح والإنجاص أخضران ، ويطبخونهما ويفندونهما بالسكر. ومن الفواكه المدخرة عندهم : المشماش يرقدونه في السكر ، ومنها البرقوق والخوخ والتين الخضراء مفندة أيضا بالسكر ، ويحضرون أيضا اليابسة. ومنها الليمون الصغير والأرنج بالتفنيد أيضا. ومن فواكههم أيضا اللوز ، ويزول قشره بالفرك باليد من غير دق ، والبندق والقسطال وهو عندهم كثير ، والجوز والزبيب. والتمر عندهم قليلا جدا لأنه إنما يأتيهم مجلوبا من محله ، فهو غريب عندهم.
ومن حلاواتهم ما يعرف عندنا ببشكتوا (١) ، ويتفننون فيه كثيرا ، وربما يضيفون له اللوز والسمسم ، وربما جعلوا في وسطه بياض البيض بالسكر ، وربما دهنوه بماء اللشين إلى غير ذالك من التفننات وهو عندهم حسن. ومنها اللوز المفند وهو حسن ، ومنها الشكلاط (٢) وهو معروف يطبخونه على الكيفية المعروفة ، وقد يجعلون منه أقراصا يابسة وغير ذالك. ويصنعون حلواء من اللوز مع عسل السكر ، ويجعلونها على شكل قبة أو برج أو صورة قرن كبير. ويعتنون باللوز المر في حلاواتهم كثيرا. وكل عسولهم من السكر ، وأما عسل النحل فهو عندهم قليل جدا لا يوجد إلا لنحو التداوي ، لأنه يجلب لهم من غير بلادهم ، وبلادهم لا يكون فيها لكثرة البرد. وحلاواتهم كثيرة ويحتفلون لها ويجعلون لها كواغيد مزوقة ملونة بصنائع بديعة ، وذالك مما يشهيها للنظر فيكون باعثا على شرائها ، وذالك مما يتعيّش به مقلاتهم.
وأشربتهم في الوقت الذي كنا فيه عندهم الخمر ممزوجا بالماء ، ولا يشربونه صرفا كما أنهم لا يشربون الماء صرفا في الغالب لاستغنائهم عنه بالخمر ، ويسيغون في خلال الأكل بالخمر. وكانوا يحضرون منه أنواعا ، ولاكن غالبها نوعان : أحدها
__________________
(١) يبدو من كلام محمد الصفار أن البشكيتو كان معروفا عند مغاربة القرن التاسع عشر. وسبق للغساني أن قدم تعريفا له في كتابه افتكاك ، ص. ٨٧ ، على الشكل التالي : «وهو خبز معجون بالسكر وصفرة البيض». وربما كانت لفظة بشكيتو تحريفا للتسمية الإسبانية :(bizcocho) ، كما جاء ذلك عند البستاني. أما الصفار ، فقد استعمل تلك التسمية للحديث عن مختلف أنواع الحلويات بوجه عام. (المعرب) ، وفي اتفاقية ١٨٥٦ التجارية التي أبرمها المغرب مع بريطانيا العظمى وردت الإشارة إلى مادة البسكوي في النص العربي للاتفاقية لكن تحت تسمية أخرى غريبة وهي البجماط ، ولا يعرف أصلها.
(٢) ورد ذكره أيضا عند الغساني ، افتكاك ، ص. ٨٧.