وكان له نصره الله من حسن النظر في خديمه (١) الأنصح وثمرة غرسه الأنجح ، الساعي بحسن سياسته في تنفيذ أوامره السعيدة ، وتدبير مصالح رعاياه القريبة والبعيدة ، القائد (٢) الأمجد الرئيس الأسعد ، الحاج عبد القادر ابن القائد المرحوم ، السيد محمد أشعاش كان الله له في المعاذ والمعاش ، ما اقتضى تعيينه لذلك وتخصيصه بما هنالك. وأمره أن يصحب معه أمينين (٣) عاقلين ذكيين من أهل الوجاهة والذكى بتطوان مع من لا بد لمثله منه من طالب (٤) وأتباع وخدمة وأعوان ، وسائر ما فيه للإسلام والمسلمين زيادة رفعة وظهور على عبدة الأوثان ، القائلين بالأبوة والبنوة. وفي الحديث : «رحم الله امرءا أظهر من نفسه في هذا اليوم قوة».
فانتخب أرشده الله من أرباب الصدور ممن حكم لهم الوقت بالاجتلاء على منصة التصدير والظهور ، صهره الأرضى و [كفء](٥) كريمته الأحظى ، المعروف عند الحاضر والبادئ أبا عبد الله محمد بن الحاج محمد اللبادي. والحادق اللبيب الوجيه الأريب ، الماهر بسياسة المخالطات وجوب الأقطار ، الحاج العربي بن الحاج عبد الكريم العطار. واقتضى حسن نظره بالكاتب (٦) لما لم يطلع على ما فيه من المعائب ، أن اختاره لصحبته لما هو من شأنه من المئارب. وكان من الحزم لمن تغرب عن وطنه ونئا
__________________
(١) «الخديم» هى التسمية التى كان يخاطب بها جميع الموظفين المخزنيين مهما اختلفت درجاتهم ومستوياتهم والمهام المنوطة بهم. انظر : ١١٧.Dozy ١ : ٤٥٣ ;Laroui ,Origines ,p
(٢) «القائد» ، موظف مخزني يعينه السلطان ، ويمكن أن تسند إليه مهام متعددة ومختلفة. وتعني هنا ـ في حالة عبد القادر أشعاش ـ عاملا على مدينة كبيرة. ابن زيدان ، العز ، ١ ، ص. ٤١٢.
(٣) «الأمين» ، موظف مخزني تسند إليه مهام لها علاقة بالمستفادات والجبايات والشؤون المالية بوجه عام. وكان الأمناء في تطوان يقومون بمهام المراقبة والتفتيش في المرسى إلى جانب تحصيلهم للرسوم على الصادرات والواردات ، والقيام بالأداءات التى يأمرهم السلطانب تقديمها إلى المعنيين بها. ابن زيدان ، العز ، ١ ، ص ٣٩٦ ـ ٣٩٧.
(٤) «الطالب» وتعني لغويا الشخص الذي يكون بصدد الدراسة وتعلم أصول الدين الإسلامي. غير أن هذه التسمية كانت تطلق أيضا في المغرب على بعض الأشخاص المتعلمين الذين يكسبون قوتهم اليومي عن طريق التجارة ، انظر : Laroui ,Origines ,pp.٠٩ ,١٤٤.
(٥) هذه الكلمة غير واضحة في النسخة الأصلية للرحلة ، وربما هي [كفء] ، أي زوج ، (المعرب).
(٦) وكان المعني هنا هو محمد الصفار.