مجراهما ، بعد أن لا يكون لها ذلك فى جواهرها ، فإن ذلك يدل على ميل طباعها إلى الحر ؛ بل نقول : (١) إن ما فيه رطوبة فالحمرة والسواد يدلان (٢) فيه على الحرارة ، والبياض على البرودة. واليابسان فالأمر فيهما بالضد ؛ لأن الحرارة تبيض اليابس ، وتسود (٣) الرطب المائى.
لكنه قد يعرض أمر يبطل (٤) أحكام دلالة هذه الألوان ، وربما أبطل أحكام (٥) غيرها. وذلك لأنه كثيرا ما يتفق (٦) أن يكون دواء قوى القوة ، مع قلة المقدار ، كما تعرفه. فإذا خلط يسيره (٧) بكثير من الأدوية التي ليست شديدة القوة جدا كان الغالب ، بحسب الرؤية ، غير الغالب بحسب القوة. فإن الغالب بحسب الرؤية غير الغالب بحسب القوة. (٨) ثم يكون الفعل للمغلوب فى الرؤية ، دون الغالب فى الرؤية ، ويكون طابع الغالب فى الرؤية ، (٩) فى ذاته ، باقيا على ما كان قديما. وإن كان (١٠) هذا مما يجوز أن يقع بالصناعة ، كذلك قد يجوز أن يكون (١١) بعض الأجسام فى الطبع مركبا من أجسام مركبة (١٢) أيضا ، ويكون المغلوب فيها قوى القوة قليل المقدار ، ومضادا بالطبع للغالب المقدار الضعيف القوة. فيكون الظاهر عند الحس هو كيفية الغالب فى الرؤية ، ويكون الظاهر (١٣) فى القوة كيفية المغلوب فى الرؤية ؛ مثلا أن يكون الجسم مركبا (١٤) فى الطبيعة ، على نحو تركيبك (١٥) بالصناعة ، لو ركبت (١٦) وزن نصف درهم فربيون مع رطل من الماست ، فلا يحس هناك للفربيون لون ولا طعم ، ويكون لون الماست وطعمه ظاهرين. لكنك إذا استعملت هذا المركب ظهر للفربيون فيه فعل ظاهر (١٧) من التسخين (١٨). فلا يكون (١٩) حينئذ الأبيض الرطب هو المسخن ، ولكن الذي خالطه. فلا يكون ما قيل من (٢٠) أن الأبيض الرطب بارد قولا كاذبا ؛ لأن هاهنا أيضا
__________________
(١) ط : يقول (٢) م : يدل
(٣) د : ويسود (٤) د : انبطل
(٥) ط : أحكام+ دلالة
(٦) سا ، د : قد يتفق.
(٧) م : يسيرة (٨) وسقط فى ط ، ب : «فإن الغالب بحسب الرؤية غير الغالب بحسب القوة»
(٩) سقط من نسخة «م» ابتداء من قوله «غير الغالب بحسب الرؤية» إلى قوله «طابع الغالب فى الرؤية»
(١٠) سا : وإذا كان ، وفي د : وإذ كان
(١١) ب : أن يكون فى الصناعة
(١٢) سا : مركب ، وفى د : مركبة
(١٣) د : الظاهرة (١٤) سا : جسم مركب ، وفى «د» جسم مركبا
(١٥) سا : تجويز تركيبك (١٦) م ، د : لو ركب ، وفي ب : إذا ركبت
(١٧) د : ـ ظاهر (١٨) سا : هو التسخين
(١٩) م : ولا يكون
(٢٠) سا ، د : ـ من