حملها المسيح بمقاربة كالعادة ، بل بالنفخ والإلقاء الإلهيين في فرجها ، فان المسيح هو الروح والكلمة الملقاة الى مريم (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) (٤ : ١٧) فالروح نفخت من المجرى التناسلي ، مما يدلّ على كونها جسما مّا ، وعلّها كانت مع النطفة الرجولية المعبر عنها بالكلمة الملقاة ، فبالإلقاء هذا تمكنت النطفة إلى عمق الرحم فتزاوجت مع النطفة الانوثية ، فأصبحتا جنينا ، ثم انضمت إليها الروح فها هو المسيح عيسى ابن مريم عليه السّلام.
ثم الروح هذه كسائر الأرواح الإنسانية في الجوهر وأنها مخلوقة ، وإضافتها الى الله «روحنا» تشريفية تشرفها وتفضلها على كثير من الأرواح ، وليست جنسية تعني أنها جزء من الله او من روحه ، وكما الروح المنفوخة في آدم تملك هذه النسبة (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) (١٥ : ٢٩) مما يفضل روح آدم على غيره ، وكذلك المنفوخة في بني آدم كلهم : (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) (٣٢ : ٩).
فأرواح بني آدم تمتاز عن غيرهم من ذوي الأرواح كما هنا ، وأرواح المؤمنين منهم تمتاز على سواهم (٥٨ : ٢٢) وأرواح النبيين على سواهم (٤٠ : ١٥) والمسيح على غيره (٤ : ١٧١) ثم روح خاتم النبيين تمتاز على الأرواح كلها (٤٢ : ٥٢) ، فالإضافة الى الله فيها كلها تشريفية لا تعني أنها بعض من ذات الله! وسبحان الله!.
وقد نوافيكم بتفصيل هذا الحمل المبارك في طيّات آياتها المفصلة كالسورة المسماة باسم مريم (ع).
ثم الآية تبيّن بعد فضيلة الإحصان ، تصديقها بكلمات ربها وكتبه ، وأنها كانت من القانتين : المطيعين ، وتذكير الضمير في «القانتين» دون «القانتات»