ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) (١٢)
وكما لا يجدي نساء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كونهن نساءه إلا أن يكنّ قانتات عابدات صابرات مجاهدات ، كذلك المؤمن لا يكفيه إيمانه ما لم يقه وأهليه نارا :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) :
إن وقاية الإيمان لا تكفي كعقيدة ، إلا بانضمام وقاية عمل الإيمان ، لا للمؤمن نفسه فحسب ، وإن وجب كمبدء «قوا أنفسكم» فللأهلين أيضا «وأهليكم» لأنه مكفل بهم كما بنفسه ، وإن كان الأهلون أيضا يؤمرون بوقاية أنفسهم ، فإنهم مكلفون ، إلا أن نقصهم وقصورهم في تكفلهم أنفسهم هنا يجبر بوقاية وقيادة حكيمة ممن يأهلهم ويرعاهم ف (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).
والوقاية هنا تشمل المعرفية العقائدية والعملية (١) للأنفس والأهلين ، أن (تأمروهم بما يحبه الله وتنهوهم عما يكره الله) (٢) ، فأبواب الجهاد والدفاع
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٢٤٤ ـ عن علي (ع) في الآية ، قال : علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم.
(٢) أخرجه في الدر المنثور ٦ : ٢٤٤ ـ عن زيد بن أسلم قال : تلا رسول الله (ص) هذه الآية فقالوا : كيف نقي أهلنا نارا؟ قال : ... وفي الكافي مثله عن الامام الصادق (ع) مع زيادة : لما نزلت هذه الآية جلس رجل من المؤمنين يبكي ويقول : أنا عجزت عن نفسي وكلفت أهلي! فقال (ص) : حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك.